تجمهرَ مُحِبِّو الشيخ عبد الحميد كُشْك (من أكبر المعارضين الإسلاميين لنظام أنور السادات) عَقِبَ الإفراج عنه عام 1982 بعد صلاة الجمعة، مطالبينَ بعودته للخطابة في مسجده، و بقيَ الجمهورُ يهتفُ مُطالِبًا بعودة الشيخ للخطابة..
و فجأةً ظهرت سيارة شاحنة تبيع البيض بنصف السعر، فانصرف المتظاهرون لشراء البيض!،،
و بعدها حضرت قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين الذين كانو يحملون كراتين البيض.
فوقف كلُّ متظاهِرٍ ينظرُ للجنود ثُمَّ ينظرُ للبيض الذي بيده و الذي حصل عليه بسعر رخيص (لُقطة بلغة المصريين الدارجة)، محاولًا تصوُّر مصير هذا البيض في حالة مواجهة قوات مكافحة الشغب!!!

*والنتيجة* التي لم يتوقَّعها حتى قوات مكافحة الشغب كانت مفاجِئةً للجميع ….. كانت انصراف المتظاهرين بدون صِدامٍ، فالجميع اقتنع بأهمية الحفاظ على البيض (اللقطة)!!
و نسوا الشيخ *والقضية* في مجتمع كان الانفتاحُ الذي أرساهُ الرئيس المصري أنور السادات جعلهم بلا *هوية*.

في مجتمعنا العربي كيف ممكن لصوت الضمير الشعبي أن يكونَ قويًّا، إن كان المواطن بلا هوية و لا قضية؟!!..

المواطن العربي يحملُ كراتينَ مليئةً بأعباء العبودية و المشكلات تجعله لا يفكِّر في إصلاحٍ و لا تغييرٍ، كُلُّ همِّهِ هو تأمين الطعام و الدواء و الملبس و المسكن لأسرته.

*عمومًا*…. تعدَّدت كراتين البيض في العالم العربي ولكن النتيجة واحدة!!

و يبقى صوتُ الثائرين العرب مبحوحًا، أما الدعوة للفاسدين للإصلاح فهي أشبه بدعوة الخرسان للغناء..

قد يكون الجوع في العالم العربي سببًا في فقدان الشعب الهوية و التنازل عن القضية..

ذكرَ تقريرٌ أمميٌّ صدرَ مؤخَّرًا أنَّ 69 مليون شخص في العالم العربي عانوا من سوء التغذية عام 2020، و أنَّ ثلث سكان المنطقة البالغ عددهم 420 مليون نسمة لم يحصلوا على غذاءٍ كافٍ.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقريرٍ لها أنه ما بينَ عامَي 2019 و 2020 عانى 4,8 مليون شخصٍ في العالم العربي من سوء التغذية “في جميع الطبقات الإجتماعية و البلدان المتضرِّرة أو غير المتأثِّرة بالنزاعات”.

وأشارت المنظمة إلى أنَّ أكثرَ الدولِ تضرُّرًا هي الصومال، حيث يعاني 59,5% من السكان من الجوع بينما تواجه الحكومة الهشَّة تمرُّدًا مسلَّحًا منذ عام 2007، و اليمن الذي يشهد حربًا منذ سبع سنوات حيث طال الجوع 45,4% من السكان.
كما سجَّلَ اليمنُ الرقمَ القياسيَّ في عدد الإصابات بفقر الدم الذي عانت منه 61,5% من النساء في سنِّ الإنجاب حتى عام 2020.
وأضاف التقرير أنه “عانى 141 مليون شخصٍ في المنطقة من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد عام 2020، بزيادة قدرها 10 ملايين عن العام الذي سبقه”.
و بذلك يكون الجوع قد تفاقم بنسبة 91,1% في العالم العربي على مدى العشرين سنة الماضية بحسب تقديرات منظمة الأغذية و الزراعة.
و ترافقَ ذلكَ مع مشكلاتٍ تتعلَّقُ بالصحة العامة، حيث يعاني 20,5 % من الأطفال دون سنِّ الخامسة في المنطقة من التقزُّم و10,7% من هذه الفئة العمرية من زيادة الوزن.

و ما تزال مشكلة السمنة لدى البالغين تمثِّلُ مشكلةً صحيَّةً عامةً كبيرةً في المنطقة و لاسيما في البلدان العربية الغنية.
وفي عام 2020، بلغت النسبة لدى البالغين 28,8%، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 13,1%. وتنتشر السمنة بنسَبٍ أعلى في الدول الأغنى، و في مقدمتها دول الخليج، و على رأسها الكويت بواقع 37,4%.

في عالمنا العربي يعيش مواطنو اليمن هياكل عظمية أشبه بالعصافير، و مواطنو الخليج يعانون السمنة المفرطة أشبه بالدببة،،، و لكن هياكل اليمن سطَّروا بطولات أقرب إلى المعجزات..

ربَّنا قِنا العَوَزَ و الفَقرَ
و أمِدَّنا بالخيرِ و السِّترِ.

البروفسور د. ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *