البقاء للأصلح وليس للأقوى كما هوَ شائع في العالم العربي ، وهذا المصطلح ناشئ بالأساس من نظرية التطور الداروينية.
والكائن الأصلح هوَ من يستطيع التكيف مع بيئته ومتغيراتها، وبالتالي ستصطفيهِ الطبيعة للبقاء.
أما غير الأصلح ، فهوَ من يفشل في التكيف مع البيئة وتطوير استجابات مختلفة لمتغيراتها ، وبالتالي سيندثر ويتلاشى من الوجود.
من هنا سنفهم سبب انقراض الديناصورات وبقاء أنواع وكائنات حية أخرى أضعف منها بكثير، فهيَ ورغم كونها الأقوى على الكوكب حينها ، فشلت في التكيف مع بيئتها وتقلباتها.
.
لا يختلف عالمنا الإنساني عن عالم الطبيعة الخام من حيث سريان مبدأ بقاء الأصلح فيه ، والأصلحية هُنا مفهوم نسبي ويُقاس تبعاً لنوع البيئة ، على سبيلِ المِثال، لو كنت أعيش في بلد متقدم ومتطور وتحكمه القوانين كألمانيا ، وتقدمت بالإضافةِ الى بضعة أشخاص آخرين للمنافسة على فرصة عمل في شركة تجارية، فمن سيفوز منا ويحظى بفرصة العمل هوَ من يمتلك خبرة وشهادة ومؤهلات و CV محترم ، لأن قوانين البلد هناك تجعل ممن يحمل هذه المؤهلات الأصلح. أما لو تقدمت مع غيرك الى فرصة عمل في دولة عربية، فان من سيحظى بها هوَ من يملك الوساطة أو يدفع الرشى أو يقرب للمدير مثلا ، وسيفشل غيره حتى لو كان من أهل الخبرة والشهادات، ان عجز عن تلبية متطلبات البيئة الفاسدة وشروطها. وبالتالي سيكون الأول، وهوَ صاحب الوساطة، الأصلح، لأنه تمكن بفساده من التكيف مع البيئة الفاسدة، فيما عجز الانسان الشريف عن التكيف مع الفساد، وبالتالي خرجَ من المعادلة.
.
من هذا العرض البسيط سنفهم لماذا يصعد الأراذل والأوباش في جميع قطاعات وأوساط هذه البلاد ، وعلة السقوط في جميع النواحي والصعد، في السياسة والدينِ والفن والاعلام والفكر والثقافة والأمن والتمثيل والغناء والأخلاق.
ففي ظل منظومة فاسدة ومفسدة شاملة ، الأصلح هوَ الفاسد ، والفاسد فقط !