يحار من يسمع قصة ذلك الفتى المغامر، حين شد رحاله لفرنسا وهو لم يزل شابا يافعا بل مازال في سن الصبا، هل كان قراره بالهجرة جنون ام لحظة تحدٍ ام حلم يقظة طالما عاش تفاصيله مع ذاته المتمردة ! سؤال حيرني حقا وانا استمع لصديقي الانيق الدكتور كاظم المقدادي يقهقه حتى كادت الدمعة تطفر من عينيه وهو يحدثني عن تلك الذكرى التي مضى عليها نصف قرن حين استعد للسفر ، ولم ينتظر حتى لا تبرد همته وهو يتجه إلى جهة الغيب متحديا الاصحاب والذين لا يرون سوى سبابتهم ، حينما يؤشرون نحو هدف . وصاحبهم الذي يرى من خلل الغيب ، المستقبل يتلمسه كما يتلمس البزاز بضاعته، فالفرق شاسع بين الخام والحرير. باع سيارتهُ بـ600 دينار كي يقتات بثمنها ، افرد لكل شهر 100 دينار.

كلت قدماه في شوارع باريس يبحث عن عملٍ يقارن بين محلة الرحمانية والعطيفية التي نشأ وترعرع فيهما .. وبين باريس التي الهبت مشاعر العظماء. ومن حسن صدف الصعلكة، قرأ اعلان لمدرسة للجالية الجزائرية. وهي بحاجة الى مدرس لغة عربية ، وهو اول عمل يقوم به في باريس. بعد ان استقر نفسيا وماديا ، قدم اوراقه لجامعة السوربون وحصل على شهادة الكفاءة عام 1975 وعلى شهادة الماجستير (الجانب السايكلوجي للاعلان السياحي) عام 1977. واخيرا .. على شهادة الدكتوراه ( التيارات الفكرية في الصحافة العربية المهاجرة) عام 1979.

وتوالت نشاطاته التربوية والاعلامية .. اجرى لقاءات وحوارات مهمة مع جاك شيراك رئيس الوزراء الفرنسي والفيلسوف روجيه غارودي ، ومع شاعر المقاومة الفرنسية لويس اراكون. ورفد الجرائد والمجلات العربية والعراقية بالكثير من الموضوعات في السياسة والاداب والفن وقرر الفتى المغامر انهاء تجربته المثيرة بعد ان اكمل مهمته العلمية والسياحية على حسابه الخاص .

في سنة 1988 عاد الى ارض الوطن متحمسا ، ليقدم حصيلة علمه واجتهاده ويبدأ رحلته القادمة محاضرا في كليه اللغات بجامعة بغداد ومحاضر في مادة العلاقات العامة في الجامعة المستنصرية ومدرسا في كلية الاداب بجامعة بغداد التي تخرج منها حتى ترأس اللجنة العلمية في كلية الاعلام بجامعة بغداد ودرس مادة العلاقات العامة في جامعة البتراء الاردنية وفي سنة 2014-2018 اسهم في تأسيس كلية الفارابي ودرس مناهج الاتصال واسس قسم الاعلام فيها. ومن شذرات سيرته الذاتية: حيث ظهر له اول موضوع ثقافي في جريدة التاخي العراقية سنة 1967، ترأس تحرير جريدة الصحافة الجامعية ، بعد ان كان سكرتيرا لتحريرها عندما كان طالبا. حصل على عضوية نقابة الصحفيين العراقيين عام 1974 عضو نقابة الصحفيين العرب 1984. اما اهم الكتب التي اصدرها المقدادي : كتاب اوراق باريسية سنة 1984.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *