-1-
اذا كانت الشجاعة سمة ممدوحة فانّ الجبن من أسوأ الصفات
فالصفتان متضادتان .
-2-
وهكذا هو الحال في ( السخاء ) و ( البخل ) فالاسخياء (سادة) لكنّ البخلاء (عبيد) ..!!
في الحديث الشريف :
( من جاد ساد )
وقد دلّت التجارب الحياتية على ذلك ، حيث احتل الاسخياء – عبر توالي العصور واختلاف الامكنة والبقاع – درجات رفيعة جعلتهم مهوى القلوب والافئدة وباتوا يحظون بحب الناس وتقديرهم واكبارهم .
-3-
أما البخلاء فهم الشريحة المكروهة والتي كثيرا ما تكون محل سخرية واستهزاء وَمَوْضِع مهانة واستخفاف .
فالبخيل يُزري بنفسه ، ويعرّضها لألوان من النقد الموجع والمُخْجِل
اسمع ما قاله أبو هلال العسكري في واحدٍ مِنَ اولئك البخلاء .
قد كان للمالِ رَبّاً
فصارَ في البُخلِ عَبْدَهْ
وَصَحَّفَ الصيفَ ضَيْفَاً
فقام يَلْطمُ خَدّهْ
أرأيتَ كيف تَحوّل ( الصيف ) الى ( ضيف ) يخشاه البخيل، فسارع الى لطم خدّه حزنا على مجيء الضيف اليه ..!!
-4-
انّ المال وسيلةٌ وليس غايةً ، وبانفاق المال يتوصل الانسان الى قضاء حاجاته واتباع رغباته ، أما اللهاث وراء المال لتحصيله وحيازته ثم الحرص على ابقائِهِ مخزونا مكدّساً بعيداً عن الأعين والأيدي فيكون صاحبهُ عبداً وخادماً للمال بدلُ ان يكون المالُ عبدَهُ وخادِمَهُ .
يقول الشاعر :
أنتَ للمال اذا أَمْسَكْتَهُ
واذا أَنْفَقْتَهُ فالمالُ لَكْ
ويكفي البخيل ذُلاً وهواناً انه يعيش محروماً من الطيّبات في الدنيا ويكتوي بنيران الجحيم في الآخرة .
-5-
ان للمال وظيفة اجتماعية لا يصح انكارُها أو التغافل عنها ،أقرأ قوله تعالى :
{ ولا تُؤتوا السفهاءَ أموالكم }
النساء / 5
ان المقصود { بالاموال } هنا أموال السفهاء انفسهم ولكنّ القُرآن اعتبرها اموالكم في اشارة صريحة الى هذه الوظيفة الاجتماعية للمال .
لا خير في المال انْ لم يُسعف مكروباً او يُغيث ملهوفا
ولا خير فيه اذا لم يكن له نصيب في البر والمعروف والخير والاحسان ..
وما يُنْفق من المال في سبيل الله يُضاعف لأصحابه، وما يُكدس ويُخزن فهو للحادث والوارث وشتان بين الحالتين .