لاتوجد في المجتمع العراقي ثقافة الخادمة كما نراها في الأفلام والروايات العربية، وذلك بسبب الجذور البدوية للمجتمع العراقي والذي يستنكف من هذا النوع من العمل أولا وعدم وجود طبقة برجوازية في المجتمع العراقي جاذبة قادرة على تكلفة خادمة.
المجتمع العراقي مكون في الأساس من مجتمع فلاحي من أصول بدوية وطبقة أخرى تتكون من الموظفين تكونت مع تكون الدولة العراقية فلم يكن هناك فوراق طبقية كبيرة في المجتمع، ولم تتشكل أبدا في العراق طبقة برجوازية حقيقة فقد كانت هناك بيوتات غنية من التجار في المدن ومجموعة من الاقطاعيين في الأرياف وكانوا هؤلاء في أغلبيتهم يعيشون حياة عادية وان جذبتهم حياة الشهوانية المدنية.
وبسبب حاجة الدولة الى الجيش وتطوع أغلب أبناء القرى الفلاحية في الجيش أصبحت رواتبهم أكبر بكثير من ابناء المدن الموظفين، وعلى هذا الأساس لم توجد في العراق هذه الثقافة فليس هناك خادمات عراقيات في البيوت فلم تتشكل هكذا ثقافة في العراق بل انني لم أعرف حتى حالات فردية.
مع ذلك فهذه الظاهرة الآن في طور التكوين بسبب التبيان الطبقي الذي حدث في المجتمع، فبعض الأغنياء من طبقة الموظفين وخاصة من الأطباء والطبيبات أخذوا يستخدمون بعض النساء في خدمة المنازل وان كانت لحد الآن ظاهرة محصورة.
التكوين الجسدي للبدو، اذ ينقسم البدو في تكوينهم الجسدي عموما الى شكلين: الشكل الأول يبدأ من محيط بغداد والرمادي الى سوريا والأردن وفلسطين وأقسام من نجد وهؤلاء يكونون ذوي أجساد مربعة عضلية ثقيلة ووجوه كبيرة منتفخة ويتميزون بقوة جسدية هائلة وثقل في الحركة، أما الشكل الثاني فيبدأ من الفرات الأوسط الى كل دول الخليج وأقسام من نجد ويتميزون بالنحافة والأنوف الطويلة المستقيمة، وخفة الحركة، ومنهم أخذ الشكل النمطي للبدو.
ولا يوجد عند البدو أي أسئلة فلسفية عن الموت والحياة والكون، لذلك لم يهتموا بالدين، ويمكن ارجاع ذلك الى ان البدوي يجد نفسه جزءا من الطبيعة وليس شيئا يقف في مواجهتها، والبدوي ابدا لم يقف بوجه الطبيعة بل كيف نفسه ليصبح دوما جزءا منها وتابع لها. البدوي ليس الفلاح الذي استثمر بالطبيعة ومتناقضات الفصول ولا البحار الذي أستغل الريح والموج ليعبر البحار.
البدوي لا يضع خيمته أبدا في مواجهة الريح، فلقد ظل يهتدي دائما الى حيث تهديه الطبيعة نفسها اينما تمطر يذهب خلف المطر، أين يوجد الكلأ والماء يذهب.
أن سبب عدم وجود الأسئلة الفلسفية عند البدو، هو كونهم جزء من الطبيعة ومكون لها وليسوا شيئا خارج عنها،لافالدين هو مجموعة إجابات عن أسئلة غامضة عن الوجود والموت الحياة، وبما ان البدو لم يسألوا هذه الأسئلة، فلذلك لم يهتموا كثيرا بالدين.