حين دمرت الحرائق الغابات في جزيرة رودوس اليونانية، الوجهة السياحية لملايين السياح سنويا، انتكست السياحة في اليونان لأسابيع وباتت الشركات في العالم ترسل طائرات فارغة لإجلاء السياح المرعوبين من خطورة الوضع.
السياحة في اليونان مورد أساس للدخل القومي، هي نفطها الدائم الذي يعتمد عليه اقتصادها الذي تلقى ضربات وانهيارات كثيرة في العقدين الأخيرين، ولا يحتمل صدمة كبرى جديدة.
الان، معظم عواصم العالم تتلقى اشعارات من اليونان لطمأنة السياح بأنّ كل شيء عاد لطبيعته، وانّ هناك أسبوعاً سياحياً مجانياً هدية لكل سائح قطع اجازته وتأثر بالفوضى التي خلفتها الحرائق.
هناك بُعد نظر ومعالجات لا تحتمل التأخير للملفات التي تخص سمعة البلد أمام المواطنين الأجانب. وهو أسلوب راق تتعامل به الشركات في جميع العواصم الاوربية، حين تشعر الإدارات انّ هناك نقصا في الخدمات او النوعيات، فيتم إعادة الخدمة للمواطنين مع زيادة
وخصم مالي واعتذار.
هناك خيارات امام المستهلك، لذلك سيكون صيدا سهلا في شباك التنافس من اجل ان تكسبه شركة جديدة انتبهت الى نقائص في خدمات شركات شبيهة، فراحت تقدم عروضها الأكثر إغراءاً.
الخيارات أمام المواطن العراقي محدودة، ليس لأنه لا توجد شركات قطاع خاص في ميدان المنافسة، لكن لوجود نقص كبير في ثقافة الحقوق والواجبات، فالمواطن في أوربا تتصل به الشركة او المصلحة الحكومية لتبلغه انه تلقى خدمات ناقصة واقل جودة لأسباب طارئة وانها تنوي تعويضه ورد أمواله، ربما يكون في الغالب انه لم يلحظ الفرق والخلل أصلاً.
هل كانت أوضاع معظم المواطنين طبيعية منذ ان احتل الامريكان البلاد، وصار جميع المواطنين تحت قانون الطوارئ السائب الذي يبيح اقتحام غرف النوم في البيوت اثناء المداهمات في مدن الانبار ونينوى وديالى وبابل وصلاح الدين وبغداد وسواها الكثير. ثم جاء دور أجهزة الحكومات المتعاقبة التي لم يكن في قواميسها ونواميسها أي اعتبار لحقوق المواطنين في الامن داخل بيته او بلدته او قريته او في خلال تجواله في الشارع، حتى استتبت الأوضاع على نحو إيجابي بعد ذلك نسبيا، لينفتق الوضع من باب النازحين بعد موجة تنظيم داعش، وهناك في المخيمات حياة قاسية تكون الأولوية للطعام والماء والوقاية من البرد والحرارة وتعليم الأطفال، وانّ كل الحقوق المدنية الطبيعية الأخرى باتت من الكماليات الغريبة.
هل لدينا وزير وقف بنفسه على المعاملات التي داخ أصحابها شهورا ولم تنجز لأسباب واهية، من دون الالتفات الى الضرر النفسي، أو الجهد والوقت والمال الذي أنفقه المواطن في سبيل معاملة تتقاذفها الأمزجة او حتى القوانين المتحجرة التي لم تستطع اية جهة تعديلها او تغييرها بما يتناسب مع تطورات العالم.