برز الحديث عن “الاتفاق السياسي” الذي جاء بالحكومة الحالية، والذي لم ير النور عمليا في العديد من بنوده، بل انّ الاحداث الأخيرة في كركوك او قضية تصدير النفط عبر تركيا وتسليم الإيرادات، فضلا عن المغيبين قسرا الذين باعوهم برخص التراب، باتت في نظر بعض الأطراف المتحكمة بالوضع السياسي من المستحيلات التي ستعود بالكثير من الملفات الى نقاط شروع جديدة، اذا كنا متفائلين في توصيف ما يحدث.
دائما، نرى نفس اللعبة تتكرر، هناك معضلة في تشكيل اية حكومة جديدة بعد الدورات الانتخابية” ناقصة الاهلية من حيث نسب المشاركة أصلاً” فتقوم الأطراف الطامعة بالحكم بفرش الصحراء وروداً أمام الجهات التي ترى أنها ستكون جسراً مرحلياً لعبور قنطرة التشكيل وانبثاق حكومة، بعد ذلك تجد الحكومة الجديدة نفسها رهينة الذين صنعوها من منتجها السياسي القريب، كما انها تواجه ضغوطا من الأطراف التي بدورها تجد نفسها ضحية خديعة عبر وعود اتضح انها كاذبة، وهذا ما كان بين الاطار الحاكم والقيادات الكردية، أما ما يسمى بالسُنة فهم خارج المعادلة المؤثرة .
من دون الحاجة الى التفكير والاجتهاد، سيتكرر الحال مرة أخرى، بعد هذه الحكومة، وسيأتي مَن يقطع الوعود التي لا يستطيع تنفيذها، أو انه غير المخول أصلا بحلها، ويتم ترحيل المشاكل مجدداً، كما هو الوضع منذ العام 2003 وحتى اليوم.
جميع الأطراف لم تنزل بكل أوراقها على طاولة المفاوضات عند قيام الحكومات الجديدة، لكن هناك مَن يمتلك أوراقاً ذاتية مرتبطة بوجوده وتنظيمه وجمهوره، وهناك مَن يعتمد على أوراق خارجية لا يعرف حتى مواعيد تحريكها واستخدامها.
اية ازمة تحدث اليوم في العراق بعد عشرين سنة من الوعود والعهود والحكومات والانتخابات والتحالفات توحي ان البلد لا يزال يراوح مكانه، لأننا نفتقد الى ناظم البلد في الاتفاق على ميثاق وطني يصنع الدستور النافذ والقوي.
لا يمكن التفاؤل في انّ الطبقة السياسية الحاكمة في السنوات الأخيرة قادرة أو صالحة أساساً لوضع البلد على طريق جديد، خال من العُقد القومية والمذهبية والشخصية، لذلك توقعوا ان تكون الشهور المقبلة عسيرة، تضع الكثير من القضايا العراقية على المحك، وسيكون العامل الخارجي واضحا في التحكم بالقرار الداخلي، الذي هو في الأساس مستلب وضائع وتبعي ومن غير هوية