اشترك فوجنا بمعركة في السلسلة الجبلية على الحدود الشرقية لمحافظة واسط، حيث جرى سحبنا من البصرة إلى الكوت على وجه السرعة، وكان الموقف متأزما جدا ،اذ ان القيادة العسكرية للقاطع لا تنتظر تكامل وصول اللواء، فأي فوج يصل الكوت يتم زجه بالمعركة فورا، ومن المبادئ الأولية للحروب انه يستلزم من امري الأفواج والسرايا أن يستطلعوا ميدان المعركة تفصيليا قبل زجهم بأرض المعركة، هذه الخطوة المهمة لم تحدث في معركة مهران، وتم زج الافواج الواصلة تباعا وكأنهم يرمون بقطع من الاخشاب في اتون نار وبلا مبالاة فقط لأغراض تثبيت العدو بالأرض التي سيطر عليها.
وكانت الأرض سلسلة جبلية متوسطة الارتفاع ولكنها صخور من الرواسب البركانية، فكانت القذيفة عند سقوطها على الصخور تولد مئات من الشظايا الصخرية القاتلة، كان العدو قد احتل المرتفعات ويتوجب على المقاتلين المشاة أن يمروا عبر خانق جبلي ضيق يسميه العراقيون(كلي ) وهنا الطامة الكبرى على المشاة أن يتسلقوا السفوح وبلا غطاء جوي ناري يدعمهم، حدثت خسائر جمّة مما دفع بكثير من الجنود إلى الهرب والتخفي.
انتهت المعركة بالانسحاب غير المنظم بعد فقدان آمر اللواء الذي كان يتقدم الفوجين المهاجمين ،عدنا إلى البصرة وعاد الجنود المنسحبون، ثم تمّ تجميعهم ووضعهم في حالة احتجاز انتظارا لرأي القيادة للبت بأمرهم، بعد عدة اجتماعات أصدرت قيادة الفيلق والحزب قرارها بالعفو واسقطت عنهم حكم الإعدام رميا بالرصاص على أن يتم تعنيفهم وتوبيخهم، جرى حلق شعر رؤوسهم وشواربهم ونزع الملابس العسكرية عنهم وابقاؤهم بالملابس الداخلية فقط، على أن يعلق كل جندي على صدره قطعة من الكارتون مكتوب فيها بخط واضح( أنا جبان ) (انا لا أدافع عن شرفي ) جرى جمعهم أمام الجنود وهم في حالة يرثى لها ، وكان المساكين يهتفون بأسى واضح بالروح بالدم نفديك يا…..
لم ينته الموقف لغاية الآن حيث جرى تقسيم الفوج إلى جزئين يقف الجندي في مواجهة اخيه ويشكلون نفق يمر من خلاله المتخاذلون على أن يقوم الجنود بالبصق والركل والسب والشتم باللهجة العراقية وعلى المتخاذل أن يدخل من جهة ويخرج من الأخرى واضعا يديه حول رأسه، دخل حميد عريف الاستخبارات باول النفق وهو يصيح” إخوان على مهلكم ويانا الدنيا دوارة اليوم إحنا بكرة انتم”، هكذا بعد كل تلك الإهانات والبذاءات يطلبون من الجندي أن يبذل روحه من أجل حراسة البوابة الشرقية، الحادثة واقعية بكل كلمة وتم حذف بعض المقاطع حفاظا على الذوق العام، وعند الله تجتمع الخصوم.