شيئان لا يمكن أن يسيرا إلا إلى الأمام ولا يمكن أن يتراجعا إلى الخلف هما: الزمن والنهر، ولو تركنا النهر وهو في جريانه إلى الأمام ورافقنا الزمن، لوجدنا أن الزمن يسير وحياتنا تسير معه، وعلينا أن نقر بأن الزمن يمتد أمامنا وليس خلفنا، والزمن الذي ظل خلفنا هو ليس ملكنا بل ملك من عاشوا فيه وعايشوه، وعلينا أن نكون معنيين بالاستخدام الأفضل للزمن الذي نعيش في ظلاله، فنعمد إلى التخطيط والتصميم لا إلى العشوائية والصدفة والارتجالية وترك الأمور على عواهنها، أي أن نكون معنيين بالعنوان الكبير (إدارة الزمن)، عبر الربط المباشر والعميق ما بين الزمن والفاعلية التي نستطيع إنتاجها فيه، ويقول بنجامين فرانكلين (1706 ــ 1790) انطلاقا من الرؤية الفكرية التي يؤمن بها، وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية: الزمن هو المال Time is money)) رابطا بين مدة الزمن والمال المكتسب خلالها، ولو نظرنا ما حولنا لوجدنا أن العديد من دول العالم استطاعوا استثمار الزمن لصالحهم فحققوا تقدما كبيرا ونقلات كبيرة لبلدانهم في سنوات قليلة، محققين معدلات نمو عالية وتنمية مستدامة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وفي مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها من الاحتياجات الضرورية فضلا عن تحقيق طفرات كبيرة في المجالات الصناعية والزراعية والتجارية.
إن العمل على تحقيق معدلات نمو عالية في النشاط الاقتصادي وإيجاد حلول ناجعة للمشكلات المعقدة أو المتراكمة أو المتجددة، لهو سبيل لا بد من اعتماده، من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة في الواقع، لكي نعطى للزمن قيمة عالية ومعنى كبيرا، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر مشكلة توفير الكهرباء التي أخذت زمنا طويلا ولم يتم الوصول إلى حل نهائي لها حتى اليوم، ويعتمد نجاحنا في إدارة الزمن في كل الأحوال على قدرتنا على إدارته لصالحنا سعيا نحو حل معضلاتنا وتغيير حياتنا نحو الأفضل، والوصول إلى معدلات نمو طموحة وتحقيق زيادة مرموقة في نصيب الفرد من الناتج القومي، استنادا إلى إمكاناتنا البشرية والاقتصادية الصاعدة عبر الإنماء المثابر والرصين لها.