من يطلق المفهوم والفكرة هو الاقدر على إفهام الآخرين عن كيفية تنفيذها. فمن اطلق مفهوم الأغلبية الوطنية، متى، وماذا كان يريد؟

السيد المالكي تبنى فكرة “الأغلبية السياسية” بعد العام ٢٠١٠، وكانت الفكرة حينها مرفوضة لإسباب اجتماعية ومكوناتية تشكّل بالمجمل أزمة ثقة بين مكونات الشعب العراقي، وبالتالي يستحيل الركون إلى تلك الأغلبية، لا سيما ان أغلبية المالكي كانت عددية، بمعنى ان ١٧٠ نائبا شيعيا يستطيعون تشكيل حكومة من الناحية القانونية والدستورية، غير أن الجغرافية ستسقط تلك الأغلبية، فلو أراد الكرد والسنة مقاطعة تلك الأغلبية سوف تكون جغرافيا العراق خارج سيطرة الحكومة!

غير أنّ أغلبية السيد المالكي السياسية ذهبت إلى محاولة كسب مجموعة من الكورد ومجموعة اخرى من السنة، ولكن تلك المجاميع صغيرة لا تمثل غالبية في المجتمع الكردي او السني، وبالتالي يمكن ان تكون للجغرافيا التي تسيطر عليها تلك المكونات رأي آخر يعيق اي تقدم لحكومة الأغلبية في بغداد!

وبما أنّ الحكومات التوافقية لم تحقق للعراق ما يريده الشعب، وصعوبة او ربما استحالة الوصول إلى الأغلبية السياسية، تم طرح مفهوم الأغلبية الوطنية بعد العام ٢٠١٤ او قبله من قبل السيد الحكيم.

السيد عمار الحكيم طرح المفهوم وفقا للحالة العراقية، فالاغلبية الوطنية تضمن استقرار المناطق العراقية التي كانت مرتعا وبؤرا للإرهاب وايضا استقرارا سياسيا يمكن ان يساهم بمعالجة الازمة العراقية.

أغلبية الحكيم الوطنية جائت متسقة مع الحالة العراقية الاستثنائية وبذات الوقت منسجمة مع الآليات الديمقراطية، ويمكن تلخيصها بالآتي:

يشترك اكثر من نصف الشيعة مع اكثر من نصف الكورد ومعهم اكثر من نصف السنة لتشكيل كتلة كبير وهذع الكتلة هي التي تشكّل حكومة الأغلبية الوطنية، وبالمقابل يجتمع اقل من نصف الشيعة والكورد والسنة لتأسيس معارضة وطنية.

أغلبية السيد الحكيم الوطنية والتي تبناها اليوم السيد مقتدى الصدر، تعد علاجا مناسبا للحالة العراقية، غير أنها وعلى ما يبدو لم تفهم بشكل صحيح، فدهبت الكتلة الصدرية التي تمثل اقل من نصف النواب الشيعة، فضلا عن تشكيل كنلة الإطار التي تتفوق عدديا على الكتلة الصدرية، بينما ذهب مع الصدر اكثر من نصف الكرد َاكثر من نصف السنة، وهنا حدث الاختلال في التوازن السياسي العام، بمعنى أنّ الأغلبية الوطنية لابدّ من ان تأخذ بنظر الاعتبار منهجا توافقيا يضمن تمثيلا عادلا للمكونات. ولهذا السبب نجد السيد الحكيم ورغم إعلانه عدم المشاركة في الحكومة او المعارضة، غير أنه يدعو إلى تصحيح المعادلة وتشكيل الحكومة، فهو غير معترض على اصل الموضوع ولكن على الآلية.

هناك من يعيب على القوى الشيعية تمسكها بهذا المبدأ، ولكن ماذا عن باقي المكونات واقصد التركمان والمسيح؟.. المؤكد انهم سوف يشتركون بالحكومة تحت كل الظروف واشتراكهم وفق مبدأ التمثيل، فلماذا لا يستخدم نفس المبدأ مع الشيعة كمكون اجتماعي؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *