في بادئ الأمر قد يعتقد البعض بأن ظاهرة تبادل الزوجات أن يقوم شخص معين بتطليق زوجته ويتزوجها شخصٌ آخر وهذا غير مجانب للصواب، لأننا أما مصطلح واضحُ المعالم (تبادل الزوجات) والذي يختلج ثنايا هذه الظاهرة أن يتفقا رجلًا على أن يعطي كل واحد منهما زوجته للآخر للاستمتاع بها  جنسيًا لفترة معينة دون مقابل مادي، حيث بات  دويّها مسموعٌ بين أرجاء المجتمعات العربية لاسيما المجتمع العراقي وذلك على وجه الخصوص والتي إزداد انتشارها – ظاهرة تبادل الزوجات –  في العراق في الآونة الأخيرة فبدأت رفرف محاكم التحقيق تتكدس بمثل هذه الكارثة الفضيعة التي قد تُغير نظرةُ العالم أجمع حول انطباع وأسس المجتمع العراقي الذي كان ولا زال تاريخه قد خُطَ بحبرٍ لا يُمحى من الذاكرة ومن التاريخ على حدٍ سواء.
لا يعزب عن بالنا بأن ظاهرة تبادل الزوجات وليدة من رحم الأفكار والموروثات في المجتمع الأمريكي بحسب أغلب المصادر الموثوقة، حيث شهد المجتمع الأمريكية أول تبادل للزوجات عام 1957م، ثم انتقلت ظاهرة تبادل الزوجات إلى كوريا أبان قيام الحرب الكوريا وقبل إن تنقسم كوريا إلى كوريتين شمالية وجنوبية، كون تلك المجتمعات مختلفة في عادتها وتقاليدها وهذا شأنهم، بيد أن الغرابة تكمن بأن مجتمع محافظ ذو العادات والتقاليد والحياء تنتشر فيه ظاهرة تبادل الزوجات كانتشار النار في الهشيم،  الأمر الذي يدفع بنا باللجوء إلى القوانين العقابية لنرى موقفها من تلك الظاهرة الشنيعة التي قد تكون القشة التي ستقصم ظهر المجتمع العراقي لا قدر الله كون الأمر متعلق بأسرة اجتماعية لها دور في بناء ركائز المجتمع!!.
ظاهرة تبادل
رجوعًا إلى قانون العقوبات العراقي رقم  111لسنة 1969مع جل تعديلاته وفق قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل نرى بأن ليس هنالك محلًا للتجريم ولا العقاب لظاهرة تبادل الزوجات، وقد يُكيّفها بعض المختصين في مجال القانون بأنها من الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة التي أشار إليها المشرع العراقي في قانون العقوبات وهذا غير صحيح كوننا أمام مبدأ قانوني دستوري راسخ منذُ الأزل: “لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص القانون”، فأي تفسير لنصوص التجريم من شأنها قد تُجرم أفعال لم يروم المشرع الجناىي تجريمها غدا ذلك خرقًا صريحًا لمبدأ شرعية التجريم والعقاب، زد على ذلك فإن ظاهرة تبادل الزوجات لم تكن موجودة أصلًا لو بقيد أنملة في المجتمع العراقي لاسيما أبان ستينيات القرن الماضي وما بعدها من سنوات، إذن ما فائدة تجريم فعل لم يكن له وجود من الأساس، وعليه فإن فلسفة التجريم تكمن بالمعرفة الحقيقة لمقاصد المشرع الجنائي من خلال دراسة الواقع المجتمعي عند لحظة تشريع نصوص التجريم والعقاب وهذه حقيقة قد يغغل عنها كثير من المختصين في مجال القانون.
كذلك لا يمكن تكييف ظاهرة تبادل الزوجات وفق قانون مكافحة البغاء العراقي رقم 8 لسنة 1988النافذ، لأن ظاهرة تبادل الزوجات تفتقر لعنصر مهم وهو ركيزة في التجريم، ألا وهو ممارسة الفاحشة مقابل مبلغ من المال (الأجر)، فهذا كذلك صعب المنال من حيث عدم المقدرة على تكييف تلك الظاهرة استنادًا إلى قانون مكافحة البغاء العراقي النافذ.
كما نعلم بأن المشرع العراقي (السلطة التشريعة) نجده تارةً في سباتٍ عميق لا يعلم ما يعصف بالمجتمع العراقي من مخاطر، ونجده في تارةً أخرى مشغولًا بمغانمه السياسية ومحاصصته للسلطة، والضحية من تلك الجريمة الشنعاء  هو المجتمع العراقي نفسه الذي بدا بانحدارٍ ملحوظٍ لاسيما في الحقبة ما بعد الإحتلال بجميع أنواعه الذي أصاب العراق بعد عام  2003م، لذا لا يمكن أن نوصي بتدخل المشرع العراقي لتجريم ومعاقبة من يتجرأ ولو همسًا بارتكاب مثل هكذا أفعال خطيرة، ونعتقد بأن تثقيف الناس وتوعيتهم وتربيتهم وتعليمهم بمخاطر تلك الجريمة هو أكثر فاعلية من وظيفة السلطة التشريعية التي قد باتت معطلة عن وظيفتها الحقيقة التي أُسست من أجلها.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *