في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬تدرس‭ ‬لجان‭ ‬عليا‭ ‬أوضاع‭ ‬السجناء‭ ‬والمحكومين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬عامة‭ ‬او‭ ‬جنائية‭ ‬وبعضها‭ ‬يخص‭ ‬الرأي‭ ‬والسياسة‭ ‬أيضا،‭ ‬ويتم‭ ‬اصدار‭ ‬عفو‭ ‬لمناسبة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وحلول‭ ‬العيد‭ ‬المبارك،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتجسيد‭ ‬انّ‭ ‬السجن‭ ‬عقوبة‭ ‬إصلاحية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬للذين‭ ‬أخطأوا‭.‬غير‭ ‬أنّه‭ ‬لا‭ ‬ترشح‭ ‬اية‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬التعاطي‭ ‬العراقي‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العفو‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المباركة‭.‬
قبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬تحتاج‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬انهاء‭ ‬جميع‭ ‬الملفات‭ ‬القضائية‭ ‬العالقة‭ ‬ضد‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرون‭ ‬الفرج‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬التوقيف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمات‭ ‬على‭ ‬امل‭ ‬براءتهم،‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬صفة‭ ‬المُغيبين،‭ ‬وتنادي‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الانتخابات‭ ‬بعض‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬الكارتونية‭ ‬وحين‭ ‬يصلون‭ ‬الى‭ ‬توزيع‭ ‬الكعكة‭ ‬ينسون‭ ‬أرواح‭ ‬العراقيين‭ ‬المعذبة‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬التغييب‭ ‬او‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اية‭ ‬معلومات‭ ‬رسمية‭ ‬وشرعية‭ ‬لذويهم،‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬يعلمها‭ ‬الا‭ ‬الله‭ ‬وأصحاب‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬يوم‭ ‬اعتقالهم،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬أهاليهم‭ ‬الذين‭ ‬يكابدون‭ ‬اللوعة‭ ‬والالم‭ ‬والجرح‭ ‬العميق‭ ‬وسط‭ ‬صمت‭ ‬رسمي‭ ‬كبير‭.‬
‭ ‬وبعد‭ ‬تسع‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬سجن‭ ‬ضباط‭ ‬عراقيين‭ ‬كبار‭ ‬واغلبهم‭ ‬فوق‭ ‬سن‭ ‬السبعين‭ ‬اليوم،‭ ‬بتهم‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬السابق،‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬حقيقية‭ ‬لأوضاعهم‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك،‭ ‬لاسيما‭ ‬ان‭ ‬البلد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬عاصفة‭ ‬التحديات،‭ ‬وانّ‭ ‬تسجيل‭ ‬مواقف‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬عالي‭ ‬القيمة‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الوطني‭ ‬والعدالة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬سيصب‭ ‬في‭ ‬روافد‭ ‬احياء‭ ‬البلد‭ ‬وتضميد‭ ‬جروحه‭.‬
إنَّ‭ ‬فرز‭ ‬التُهم‭ ‬السياسية‭ ‬عن‭ ‬الجنائية‭ ‬امر‭ ‬يحتمل‭ ‬المعاينة‭ ‬المستمرة،‭ ‬وطريق‭ ‬لم‭ ‬يسلك‭ ‬حتى‭ ‬الان‭. ‬والمسألة‭ ‬ليست‭ ‬تتعلق‭ ‬بمعتقلين‭ ‬انتهت‭ ‬أعمارهم‭ ‬الافتراضية‭ ‬والمهنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬خدموا‭ ‬فيه،‭ ‬وانّما‭ ‬المسألة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬قواعد‭ ‬التسامح‭ ‬لم‭ ‬ترسُ‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬وانّ‭ ‬هناك‭ ‬تقلبات‭ ‬وجولات‭ ‬وعهود‭ ‬مقبلة‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬عهود‭ ‬سبقتها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ستسمر‭ ‬روح‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬بوصفه‭ ‬يمثل‭ ‬نظاما‭ ‬سياسيا‭ ‬الى‭ ‬الابد‭.‬
وضع‭ ‬البلد‭ ‬متداخل‭ ‬فيه‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬الحاضر،‭ ‬ولا‭ ‬مستقبل‭ ‬من‭ ‬دونهما،‭ ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬سيبقى‭ ‬البلد‭ ‬بدوامة‭ ‬توظيف‭ ‬قسري‭ ‬للنص‭ ‬القانوني‭ ‬المجرد‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬انتماؤه‭ ‬السياسي‭ ‬والعقائدي‭.‬
المسألة‭ ‬لا‭ ‬تخص‭ ‬القضاء‭ ‬كتشكيلات‭ ‬لها‭ ‬سياقاتها‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬المترشحة‭ ‬الى‭ ‬محاكمها،‭ ‬لكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ان‭ ‬البلد‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعي‭ ‬جديد،‭ ‬ليس‭ ‬بالكلام‭ ‬المناسباتي‭ ‬والخطب‭ ‬الرسمية،‭ ‬وانما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فعل‭ ‬وطني‭ ‬يكون‭ ‬عنوانا‭ ‬حاسما‭ ‬لمرحلة‭

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *