نظرة عامة عن الاقتصاد الغذائي للعراق

يستورد العراق غالبية المحاصيل الزراعية من دول الجوار على رأسها ايران وتركيا وسوريا والاردن ومصر ، ويعتمد في استيرادات بقية المحاصيل الجافة والمعلبة على تركيا وايران والسعودية والاردن بالدرجة الاولى ، فيما يعتمد في تأمين احتياجاته من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة والشعير ) على الانتاج المحلي بنسب تتراوح من ٧٠ – ٩٠ ٪؜ وقد تصل الى الاكتفاء الذاتي بنسبة ١٠٠٪؜ احيانا ، ويعود سبب التذبذب في الانتاج المحلي لاختلاف توفر المياه المستخدمة للزراعة سنويا” ، وقد قنن العراق من مساحة الاراضي الزراعية مؤخرا” بسبب شحة وضعف الايرادات المائية التي تغذي نهري دجلة والفرات من قبل البلدان المشتركة معه في مسار النهرين العظيمين وروافدهما كل من تركيا وايران .

حيث يستورد العراق بما يقارب مليون طن من الحبوب الجافة ( الحنطة ) لاضافتها الى الحبوب المنتجة محليا لغرض سد فجوة العجز اولا” ، وتحسين القيمة الغذائية للمنتج النهائي لمادة الطحين المستخدم في الافران والمخابز .

عمليا” ، لا تمتلك الحكومة العراقية مخازن ستراتيجية لخزن الحبوب لحفظها وخزنها لفترات طويلة ، بل تمتلك صوامع جمع الحبوب المنتشرة في اماكن متعدده في العراق لغرض تسويقها من قبل الفلاحين ثم أعادة نقلها للمطاحن الخاصة ، وان بعض التقارير الرقابية الرسمية التي اشارت الى ضعف المخزون الاستراتيجية هي تقارير حقيقية ، لكن التقارير أهملت ان وزارة التجارة العراقية وشركاتها المسؤولة عن تجارة الحبوب قد افرغت صوامعها إستعدادا” لتلقي المنتج الجديد مع بداية موسم الحصاد للفلاحين .

معضلة المياه :
مشكلة المياه هي الاكبر في قضية تأمين الامن الغذائي ، وقد تظهر تأثيرها بوضوح على قدرة الانتاج العراقية لمحاصيل الحنطة والشعير ، مؤخرا” ، قامت وزارة الزراعة العراقية بتقليص حجم الاراضي المزروعة الى النصف بسبب شحة المياه وقله توفرها ، فقد قلصت حجم الاراضي من ٥ ملايين دونم الى ٢.٥ مليون دونم فقط ، مما تسبب بانذار في شحة الانتاج الزراعي ، وقد تستمر الوزارة في تقليص الاراضي اكثر فاكثر اذا ما أستمرت التأثيرات المناخية الجافة وواجهنا استمرار في قلة تساقط الامطار إقليميا” .

الاجراءات الحكومية :
منذ سنة تقريبا تصاعدت اسعار السلع والبضائع حول العالم لاسباب تتعلق بضعف الامدادات والقيود الصحية المفروضة على المعامل والانشطة التجارية والصناعية ، وسياسات التيسير النقدي التي انتهجتها العديد من الاقتصاديات حول العالم مما تسببت بموجة تضخمية واسعة حول العالم ، ثم ادى اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية ارتفاعا” متصاعدا” أخر للسلع والبضائع حول العالم بسبب الارباك العالمي والتأثر العالمي بمدى مضمونية استمرار الكثير من السلع على رأسها السلع المتعلقة بالطاقة الغاز والنفط الروسي او تلك السلع المتعلقة بالاغذية كالحنطة والذرة المرتبطة بصناعة زيوت الطهي ، وبشكل مباشر ادى هذين العاملين لارتفاع تضخمي متزايد في السلع بالاسواق المحلية العراقية بسبب اعتماد السوق على الاستيراد المتأثر بالبورصات العالمية .

استجابت الحكومة العراقية بعد ان توجيت لها الكثير من الانتقادات خصوصا تلك الانتقادات المرتبطة بمسؤوليتها عن تغيير سعر الصرف ( في وقت سابق ) بنسبة ٢٣٪؜ مما تسبب بحالة تضخمية اضافية دفع ثمنها المستهلك .
على أثر ذلك قامت الحكومة باقرار مجموعة من القرارات منها الغاء الرسوم الكمركية على المواد الغذائية ومواد البناء ( بشكل مؤقت ) مضحية بما يقارب ٤٠٠ مليون دولار كقيمة تقديرية عن حجم الرسوم المستحصله في استيرادات الاغذية ومواد البناء سنويا” ، وايضا قرارات اخرى تدفع الحكومة مبلغ بسيط لا يتجاوز ٦٥ دولار لبعض المرتبات المحدودة كتعويض عن تأكلها نتيجة التضخم تدفع ( لمرة واحدة فقط ) ، اضافة لبقية الاجراءات المحدودة للسيطرة على الاسعار من خلال مراقبة الاسواق وجشع التجار وتلاعبهم واجراءات متعلقة بتسديد مستحقات الفلاحيين المنتجين للحنطة والشعير المتاخرة مستحقاتهم لاشهر وسنوات نتيجة البيروقراطية .

ساهمت اجراءات الحكومة بتخفيض جزئي للازمة ومن الممكن القول انها خفضت بحدود ١٠ – ٢٠ بالمية من الاسعار المحلية الا انها لم تحل المشكلة بالكامل او بالمستوى المطلوب .

تعول الحكومة اليوم على قانون مقدم من قبلها للبرلمان العراقي باسم قانون الامن الغذائي والتنمية بعد ان فشلت هي بتقديمه لتعارضه مع صلاحياتها ، في محاولة منها لاستحصال ضوء اخضر للانفاق في مجالات تمويل برنامج البطاقة التموينية واستمرارة وتمويل الفلاحين والدفع بعملية البناء اعتمادا” على الايرادات المالية الهائلة المتأتية من الانتاج النفطي وفق اسعار الطاقة الحالية ، الا انها قد تصطدم بعدم القدرة على تمرير المشروع لنفس الاسباب المتعلقة بصلاحيات الحكومة ( كونها حكومة تصريف الاعمال ) او لان البرلمان العراقي غير قادر على تشريع قوانيين ذا جنبه مالية ، مرتبطة جميعها بالانسداد السياسي وعدم قدرة القوى السياسية من الدفع بالعجلة السياسية وتشكيل المؤسسات الدستورية بحالتها الطبيعية .

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *