-1-
حين يجترح السرقةَ مَنْ لا عهد له بِدِين ، ولا تربطه بالقيم الرفيعة رابطة ، لا يستغرب الناس كثيرا ، فالسرقة شأن الأنذال الساقطين أخلاقيا ، المفلسين روحيا .
ولكنْ حين تتمُ عمليةُ السرقة على يد مَنْ تستر بالدِين ، واعتبره الناس من صالح المؤمنين، فان القضية يكون لها بعدها الخطير ، ذلك أنَّ آثارها السلبية تنعكس على شريحة واسعة ممن تركن اليهم النفوس وتُوليهم المحبة والثقة ..
هذا فضلاً عما يلحق بالمسروقين من أضرار
-2-
كان ( شهر بن حوشب ) من القُرّاء والمحدثين المشاهير ،
وقد دخل مرة الى بيت المال فأخذ خريطة دراهم (والخريطةُ كيسٌ وُضعت فيه الدراهم ) ،
فقيل فيه .
لقد باعَ شهرٌ دِينَهُ بخريطةٍ
فَمَنْ يأمن القرّاءَ بعدكَ يا شَهْرَ
وهو بفعله أساء الى القُرّاء وشوّه سمعتهم ، حتى ضرب المَثَلُ بخريطة شهر فيما يختزله المتسمون بالسر من أموال الناس .
-3-
والنهب المنظم للثروة الوطنية العراقية ن وبشتى الصور والأساليب بالصفقات المشبوهة ، والعقود الزائفة ، والمشاريع الوهمية ، والتلاعب الرهيب بالأرقام .. أصبح ظاهرة بارزة يعبّر عنها بالفساد المالي .
والمؤسف أنَّ فرسان الفساد المالي هم من طراز (شهر بن حوشب) فقد كان بعضهم يُعّد من الصالحين الملتزمين المتمسكين بأهداب الدين ..!!
-4-
ان ما اخذه شهر بن حوشب كان عبارة عن دراهم معدودة، وقامت لذلك الدنيا ولم تقعد ، ولكنَّ ورثته في العراق الجديد تناهبوا المليارات من الدولارات، وجعلوا سوء الخدمات أبرز العلامات ، وقد بيضوا وَجْهَ شهرٍ وَوَجْه كُلّ المتلاعبين الصغار …
-5-
انّ الخيانة هي الخيانة أيّاً كان حجم المبلغ المنهوب .
وليس صحيحا أنْ نغض النظر عن  مَنْ خان أيا كان …
ولقد كشف الخائن عن نفسه حين ارتضى أنْ يكتب في الدجالين وفي مَنْ باع دينه في البائعين .
-6-
واذا تحصن اللصوص من العقوبة بطرق شيطانية خبيثة –  ولو لفترة من الزمن – فان ذلك لا يجعلهم في مأمن من عقوبات الربّ القادر الجبّار – وهو لــهم بالمرصاد– .
وتلاحقهم لعنةُ التاريخ ولعنة اللاعنين على امتداد السنين .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *