في روايته الشهيرة يصف الروائي موراكامي الشرطي الياباني بانه بلا خيال لكنه ذو كفاءة.ومن يقرأ بسرعة قد لا يتوقف عند هذه العبارة المهمة.
الشرطي كما نعتقد جمبعا يحتاج الى تدريب جيد,واسلحة حديثة,وعدة متطورة كي يواجه اللصوص.والكفاءة تاتي مع الوقت.اما الخيال فلا فائدة فيه لاي شرطي لان الخيال لن يضيف شيئا مهما في مواجهة اللصوص.السياسي عندنا شيء مختلف جدا.انه لا يملك الخيال ولا الكفاءة.ولنتخيل انسانا يصل الى السلطة دون ان يكون مؤهلا لهذه المهمة,كيف سيتصرف,واية قرارات سيتخذ,وايّ نماذج من البشر سوف يختار كي يعملوا معه.؟ كل ما يحتاجه السياسي في هذه الايام هو حزب يستند اليه كي لا يقع ان وجهت له لكمات من خصومه.لذا يقال عن اي رئيس للوزراء لا تسنده كتلة قوية انه ضعيف,ولا يمكن ان يتخذ قرارا ذي اهمية.لذا لا يمكن ان نتحدث عن اشخاص حقيقيين يتمتعون بموهبة سياسية ناضجة تجعلهم يسهرون ليل نهار في سبيل انجاز مشاريع تغير حياة الناس.قد يكتفي الشرطي الياباني بكل امكانياته المادية,ولا يتضرر المواطن في اليابان ان لم يكن الشرطي الذي يطارد اللصوص بلا خيال.هذه ليست مشكلة صعبة في ايّ بلد متطور.المشكلة حين يكون المسؤول غير مدرك لخطورة المنصب الذي يشغله.ويجد التبريرات الكثيرة التي يقتنع بها هو وحده ليضل في مكانه اطول فترة ممكنة.السياسي عندنا يرى ما لا نراه نحن كمواطنين معذبين.كما انه لا يرى ما نرى.
نحن نرى نقصا في الخدمات,وفساد,ومحاصصة,وغياب للمن وقائمة طويلة من المشاكل,وهو يرى غير ذلك.
يرى السياسي اننا نتمتع بنظام صحي جيد,وتعليم مجاني لا يعلى عليه,وضمان اجتماعي يحفظ كرامة الناس,وخدمة مجانية على مستوى تجهيز الكهرباء والماء.هو يرى كل ذلك ويدافع عن وجهة نظره.فهل يحق لنا ان نقول عن هذا السياسي انه واقعي ام انه واهم.؟
هناك اذن وجهتا نظر تطرد احداهما الاخرى.فمن جهة يرى السياسي في الواقع جنة خضراء,في حين يرى المواطن في الواقع جحيما لا يطاق.ولا يمكن ان يقنع احدهما الاخر.