عندي صديق يحترف مهنة تستدعي ان يحفر فوق معادن نفيسة كما النقاشين الاوائل فوق الرقم والمنحوتات التي كشف عنهما الرافدان بعد ان توارى الماء وكشفت الارض عن سوءتها . هذا الرجل وهو يقسم : بشرفي احيانا اقول لنفسي أنا شريك الجن ؛ فما تفعله يداي شيء مستحيل ان يأتي به بنو البشر لوحدهم.

يحفر صورة حاز مصورها على مليون دينار عراقي عن خريف الاهوار وقد نقش تحتها بخط الثلث:جف الفرات وشاب النخل وانطفأت أرض كما الحلم كنا قبل نسكنها (وليد الصراف ).يصفق لنفسه ثم يصفر وهو يتفرس في معالم وجهي التي ينتظر ان تنم عن مباهج الاستحسان ثم يقول بتمتمه اقرب الى الدمدمه :اصابعي تستحق ان تلف بالحرير!

لكني لااستطيع ان افعل مافعله فهو يقول : دع الناس تشاهدك على الشاشة وتحكم !

كان محمدعلي زلزلة او وفق مانعرفه باسمه الذي يحاول أن ينسينا اياه : محمد الشامي قد شاهد حوارا اجريته قبل تسع سنين من الان مع الراحل طالب القرغولي الذي رحل في السادس عشر من شهرايار عام 2013 ورقد الى الابد في مسقط رأسه في قرية النصر جنوب غرب الناصرية.الشامي هاتفني فجرا : لوكنت انا في مكانك لسألته مايتعلق بصناعة النغم وفق مانعرف وفق التخصص حصرا ( يشعر الشامي بان طالب قائد فيلق وهو جندي مكلف يسير خلفه وفق مشية عسكرية ).

المارشال طالب القرغولي التقيته في (اطراف الحديث) وهو بساق خشبية يتعكز على كتف ولده الاكبر شوقي في منزل حسين نعمة في الناصرية ولم يكن يقوى على مسك العود فقد تيبست اصابعه تماما وانا ارى ان الحوار تاريخي وجغرافي ومتعلق بدرس النشيد والوطنية قلت لابي شوقي يومها عن رأيه باغنية اسماعيل شبانه ( شقيق عبد الحليم حافظ ) عن الناصرية ؟ لحنها سالم حسين رد المرحوم طالب : انه لحن معمول ..يعني شنو ؟ معمول بجمل جديدة وليس وفق الجمل التقليدية غير اللحن الكلاسيكي المعروف .. غير نسخة صديقة الملاية وغادة سالم .انا غنيت من كلام زامل سعيد فتاح : يالناصرية يالناصرية تظلين طيفي وخيالي ودنيتي المنسيه يا مشرغده بفي النخل وماي الفرات الغافيه بشاطيه . ضحكت انا لكن محمد الشامي قطب جبينه وقال انت يمكنك ان تحاور فقيها عالما مفسرا او ممثلة او راقصة معتزلة حصلت على درجة استاذ مساعد (ماكو منك ) لكن ابوشوقي اختصاصي وبس !

من ملبورن الاسترالية يناصرني (اسماعيل فاضل ) ابن الفضل الذي اقتنى كنغرا رضيعا ثم اعتقه وفك اسره لكنه عاد اليه.! في دفاعه عني يقول : بلهحة أهل دربونة حمام المالح : اغاتي من إنت على العكس انا شعرت انه قد ودع الدنيا وتحدث عنها بتحسر وكشف مالم يقله ؛ البرنامج فيه تجليات ثم بعث لي مايرى فيه تأثرا من طالب بالسنباطي وغنى بصوته :

سوم حد الشوگ قداح ونجوم بليل تتفايض علينه، وبزراگ السمه الصافي فرجينه بحمرة دلال المضايف لملمينه،بسمه بعيون الملامه،شوگ وافراح وعلامه،ياعطش صيف وحزن عمرين ودموع وملامه، غني والگيعان شفّه،والهوى عللماي يغفه،غني كل شي يصير بسمه،غني روحي.

دخول الغناء او البدوة كما يقول المقاميون لامي ونهاوند المقطع الاول بيات وكرد والثاني سيكاه.. بيات كرد.. نهاوند كأنه عمل دائرة او حلقة غنائية من مجموعة الانغام باستعراض بسيط سهل ممتنع

خرجت من شقتي وجدت باب المصعد مفتوحا تلقائيا كل الاشارات في طريقي خضراء – من غير سوء .على الهاتف بصمة من صديق وصل توا الى مطار عمان : انت مدعو على شيء حروفه بلا نقط يعيش في الماء فقط!

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *