اكثر مايسعد الإنسان ويشرح صدره، إن يملك بيتا هانئا، يعيش به مع عائلته ودون منغصات، والكل يدرك كم تساهم المجمعات السكنية الحديثة، بجمال ابنيتها وتخطيط شوارعها، في اضفاء البهاء وانعاش المشاعر والأحاسيس ،وتغير الكثير من الأفكار والاعتبارات السلبية،ومساهمتها الكبيره في التحضر الفكري والاجتماعي، ونبذ القيم المريضة والمتهالكه.
ومشكلة الإسكان في العراق خصوصا في العاصمة بغداد، وانتشار الإعداد الكبيرة من المدن العشوائية التخطيط، والفاقدة لكل مظهر جمالي، برغم إنها في الأساس كانت موجودة في عهد النظام الدكتاتوري المقبور، وهو من ساهم في زرعها وتجذرها، لكنها أيضا تعكس عجز الحكومات بعد التغير، في وضع ستراتيجية شاملة ومتكامله، واعتماد الإستثمار من قبل الشركات الكبرى،خصوصا الصينية في هذا المجال،والتي تمتاز بسرعة إنجازها للمشاريع، وخبرتها العاليه والطويله في هذا المجال، وشروطها البسيطه، ومقايضتها بكميات من النفط الخام كأسلوب للسداد.
الصراعات السياسيه والحزبيه ، والارادات اللاوطنية، كانت خلف تعطيل الكثير من المشاريع الاسكانيه بعد التغير، كمشروع 10في 10الذي كان مخصصا لمدينة الصدر، وكانت تلك المبادرة حلا جذريا شاملا، لقدم المدينة وتهالك خدماتها وصعوبة إصلاح بناها التحتيه، ولو اتيحت فرصة تنفيذها بنجاح، لأصبحت نواة تغير الكثير من معالم المدن العشوائية في عموم مدن العراق،والتي ستظاهي بجمالها جمال الكثير من مدن العالم المتطورة. وسنضع حدا لمعانات المواطن المادية والنفسية والاجتماعيه.
ولو نظرنا في تجربة اقليم كردستان في مجال الإسكان، لوجدنا إن هناك انجازات عملاقه وملفتة للنظر، فطرز البناء الحديثة للمجمعات السكنية المنجزة والمأهولة والتي قيد الإنجاز، كثيرة جدا وتتزايد باضطراد، فحري بالحكومة المركزية إن تأخذ بتجربة الإقليم، والافادة منها ومحاكاتها، بدلا من الركون الى الراحة ووضع اليد على الخد.
في الفترة الأخيرة كانت هناك محاولات خجولة، من قبل الحكومة المركزية، بتوزيع الأراضي على المستحقين، الذين لايملكون دورا سكنية، كمشروع داري لكنه محدود وبطيء، ولن يكون حلا شافيا وجذريا، لأزمة ملحه ومتسعه ومتزايدة.
نرى ان مكمن الحل، اقامة مشاريع اسكانية عملاقة ومتعددة، على غرار مشروع بسماية، واعادة العمل في مشروع 10في 10،والتفكير جديا بإعادة تأهيل كل مدن العراق القديمة، التي لم تعد صالحة للسكن البشري، بما يتناسب بموقع العراق وتاريخه وعمق تضحيات شعبه، وان يكون الشمول واسعا، وبعيدا عن الاعتبارات غير الاخلاقيه، المحسوبية، والمنسوبية، ودفع الرشى، والأخذ بنظر الاعتبار اولوية من لا يملك دارا، وذوي الشهداء والاحتياجات الخاصة، وشريحة صغار الموظفين، والمتقاعدين خصوصا اؤلئك الذين اجبروا على الإحالة، وفق القانون الأخير، الذي حدد عمر المحال ب60سنه بدلا عن 63،فتم إخراج مئات الألوف منهم على عجل، ودون مراعاة استحقاقتهم من الدرجات الوظيفيه ،فقد كانت الدرجة تمنح ،من تاريخ صدور الأمر وليس الاستحقاق ،بأوامر من وزارة الماليه، فكان الكثير منهم قد احيل على التقاعد وهو مغبون باثنين أو أكثر من الدرجات الوظيفية ،المهمة جدا في مستوى الراتب ومعدله، ولاننسى أيضا مراعاة الأرامل والكفاءات العلمية المبدعة في أولوية الاستحقاق أيضا.
أملنا كبير جدا إن يلتفت برلماننا الحالي، وحكومة الأغلبية الوطنية القادمة، إلى خطورة مشكلة الإسكان، وانعكاساتها على واقع الفكر والثقافة ومجمل مفاهيم التمدن والتحضر، لعموم شعب العراق، وليبرهنوا أنهم اسهموا وبنجاح ولأول مرة من اختيار حكومة خدمات فعلا.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *