مقالتي التي حملت عنوان ( اين منظمات المجتمع في العراق ) المنشورة في 25 اذار عام 2016 ? اثارت اهتمام دائرة المنظمات غير الحكومية في رئاسة مجلس الوزراء ، حيث اتصل بي في حينها مسؤول رفيع في تلك الدائرة ، مثمنا ملاحظاتي ، مؤكدا ان المقترحات التي وردت في المقال ، هي محل تقدير كونها تهدف الى اذكاء دور منظمات المجتمع المدني في البناء المجتمعي ..

لقد اشكلت في تلك المقالة على دائرة المنظمات غير الحكومية ، اهتمامها بعدد المنظمات المجازة التي اصبح بالآلاف ، دون النظر الى هدفها ومحتواها ، وما تقدمه للمجتمع من عطاءات ثرة ومفيدة في مساراته اليومية ، فنشاطات معظمها ، لا يتعدى يافطة وشقة او دار بسيطة وماكنة لكبس الهويات .

ومرت السنين والاشهر والاسابيع على تلك المقالة ، لكني بقيتُ متابعا لوعود المسؤول الرفيع في دائرة المنظمات ، وفعلا لاحظت ان الدائرة ، قللت من منح اجازات تسجيل منظمات جديدة ، إلا في حدود ضيقة ، ووفق رؤى منطقية ، وايضا لاحظت ان الكثير من المنظمات الكسولة ، وغير الفاعلة ، تم شطبها والغاء اجازتها ، وهذه خطوات تستحق الاشادة والتقدير..

في الاسبوع المنصرم ، سعدت كثيرا بمنح دائرة المنظمات غير الحكومية اجازة تسجيل جديدة باسم ( مركز شمران الياسري للثقافة والآداب ) يوم السادس من ايلول الحالي ..

كان مبعث سعادتي ، هو احياء اسم الشخصية العراقية المتميزة التي تجذرت في ضمير المجتمع العراقي ، واعني به الكبير الاعلامي والكاتب والروائي شمران الياسري المعروف بأبي كاطع ، وايضا كون راعي هذا المركز هو الاستاذ إحسان الياسري ، نجل الرمز شمران الياسري طيب الله ثراه .

لقد تسنى لي معرفة بعض اهداف هذا المركز ، فوجدت انها اهداف تفرش سجادتها للثقافة والادب ، دون ان تنسى اهتمامها بقضايا المجتمع والاقتصاد ، وكل ما يهم الاطار الانساني ، وبهذا نحس ان هذا المركز ، جعل الّهم الانساني ضمن اجندة نشاطاته ، فتوافق اسمه مع كلمة ( منظمة مجتمع مدني ) وهذا نبع انساني ، على المنصف ان يتوقف عنده ، ويشير اليه بقوة ، فهذه المنظمات، هي العين الراعية للمجتمع ، واحدى المجسات التي تمهد الطريق الى الدولة ومؤسساتها في وضع اسس البناء الرصين ..

ايماني عميق بأن مركز شمران الياسري ، بما يضمه من اعضاء ذو ثقافات متنوعة ، وهدف انساني بعيد عن الفئوية والاثنية ، سيحقق نجاحا في تحقيق اهدافه ، كونه يعتنق مبادئ حقوق الانسان من دون أي تحفظ عليها ويدافع عنها بمفهومها الشامل والمتكامل غير المنقوص. وهذا المنهج يعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة والمحاسبة ويتصدى للعنصرية ويتبنى المفهوم الحضاري الذي يعبّر عن المجتمع المدني كما نأمل .

ان مركز شمران الياسري ، على قناعة بان الفكر التنموي الحديث ملازم للحرية. والحرية بمفهومه هي ذات الابعاد الثلاثة الأساسية : الحرية من العوز والحرية من الخوف وحرية الاختيار والعيش بكرامة وكل هذه الابعاد تعزز أهمية المساواة وتتناقض بالكامل مع كل الفكر الذي يقوم على التمييز..

مبارك لفقيد الارث الانساني ، وشهيد الغربة شمران الياسري تأسيس هذا المركز البهي والمهم على درب الثقافة والآداب.

[email protected]

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *