بقلم | الكاتب ناجح صالح

 

ما الذي يعنيه الاعتدال ؟ وكيف يمكن لمسيرتنا أن تمضي دون أن ترافقها ردود أفعال تغير حياتنا الى ما هو أسوأ؟

ان الاعتدال هو الرؤية الصائبة في كل ما نفعله سواء في مأكلنا أو في ملبسنا أو في أفكارنا من غير تطرف لنرضي به الفطرة التي ولدنا معها .

ان التعصب لا يحل مشكلة بل يؤججها ليحتدم الصراع على أشده بين جميع القوى المنضوية تحت خيمته .

ففي عالم السياسة وحده حينما لا يكون الاعتدال منهجا وسلوكا فان بوادر المعركة تبدو على أشدها بما في ذلك من خصومات ومهاترات لا تحقق للوطن شيئا نافعا بل هي تؤدي الى كوارث وخيمة .

ذلك لأن السياسة هي الطرف الأعلى في المعادلة لأنها هي التي تمسك بزمام الدولة وهي التي ترسم أمورها ، فان لم تكن واعية بدورها متخبطة في طريقها ضاعت كل فرصة للتقدم .

وفي حياتنا العامة نكون قد أخطأنا الأخطاء الفادحة اذا لم يكن الاعتدال هو النهج الذي نحذو حذوه والسلوك الواجب أن نسلكه ، وأي انحراف عن القيم الثابتة ستكون له نتائج فادحة .

والعقل وحده يمكنه أن ينقذنا من الرغبات الطائشة المحمومة التي تخل بالمعادلة .. وتغليب العقل على العاطفة فيه من الرؤية التي تحقق المعادلة السليمة .

ونحن ندرك تماما أن العاطفة قد تسوقنا الى مواقف متشنجة ، فاذا وقف العقل مترصدا لها ليأخذها الى طريق آمن فهو الاعتدال بكل معناه .

انك ان أحببت أحدا حبا زائدا وتحمست له وغضضت الطرف عن أخطائه فهو تطرف ليس فيه من الاعتدال شيء ، وان كرهت أحدا الكره الشديد دون أسباب معقولة وتغاضيت عن محاسنه فقد أخطأت ونأيت النأي كله عما يكون اعتدالا .

أليس المثل القائل ( خير الأمور أوسطها ) هو كلام جميل تحلو معه العلاقة التي بينك وبين الآخرين ! لماذا تكون خصما لكل رأي يغاير رأيك وكل عقيدة تغاير عقيدتك !

أتحسب أن كل من لا يشاطرك الرأي والعقيدة هو عدو لك ! أترى أنك على صواب وغيرك على خطأ !

ذلك فهم لا يستسيغ له عقل ناضج ولا يخضع له منطق صائب .

انه جهل وحماقة حينما نريد أن نكبح ما في جعبة الآخرين من أفكار ورؤى قد تكون لها دلالتها من الوعي والنضج مما نصنع به طريقا قابلا للتقدم .

ألسنا جميعا نهرب من قيظ الصيف وقر الشتاء لنستظل تحت أجواء الربيع المعتدلة الدافئة !

ألسنا نقف موقف الضد من الرجل المتهور الذي لا يقيم وزنا لأخلاق المجتمع وقيمه ! ألسنا نرى في المرأة المبتذلة التي لا تراعي حرمة المجتمع وتسلك سلوكا شاذا مهينا .. ألسنا نرى فيها اعوجاجا !

ثم ألسنا نحترم ونوقر الرجل الذي يسير باعتدال ويفكر باعتدال !

ثم ألسنا أيضا نحترم ونوقر المرأة العفيفة التي تحسب كل خطوة من خطواتها باتزان وتعقل !

حقا ان الاعتدال حينما يكون منهجا وسلوكا فان وقعه على النفس سيكون قويا ووقعه على الوطن عزيزا مكرما .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *