كثيرٌ من حياتِنا لا يقودٌها العقل ، نحنُ نتوهّم ذلك ، ما يقودُ حياتنا هو الآمالُ الكامِنة داخلنا ، في اللحظةِ التي يستيقظُ فيها العقلُ نتوقّف عن كلّ شيء حتى عن أحلامِنا قبل أن يقودَنا أملٌ آخر إلى حيثُ يريدُ هو لا نحنُ
إنّ حياةَ الإنسان صورةٌ لآمالهِ الواهمة لاصورةً لأفكارهِ الحقيقية دون وعيٍ منه !
يبدو إنّ عقولَنا تطوّرت لترى نوراً نهاية كلّ نفقٍ مُظلم ، لذلك عادةً ما يراودُنا الأمل حتى في أحلكِ الظروف وأقسى الأزَمات ، هي آمالٌ زائفة غالباً، تُلقي في رُوعِنا وعداً وهميّاً بأنّ الغدَ سيكونُ أفضل،فتمنحُنا قدرةً على الصُّمود ، وحافزاً على الكفاحِ والإستمرار مهما بلغ بنا اليأسُ والبُؤس ، مجرّد سَراب نظلّ نلاحقهُ طوال حياتنا دون جَدوى ، وبهذه الحِيلة السيكولوجية الّلاشعورية نتغلّبُ على قسوةِ الحياة وعدميّتها ، ونتجاوزُ الخَطوب والأزمات والمِحن .
مريضُ الإكتئاب هو شخصٌ فقدَ القُدرة على الشعور بالأمل ، ولم يعد يرى الضّوء في نهايةِ النفق كما نراه، لم يعد عقلُه يستطيع صناعة الأمل الزائف كما تصنعهُ عقولنا ، طريقهُ مسدود ، لذلك يكون مصيرهُ الإنتحار!
هل الأملُ مجرّد فكرة داخل عقولنا ؟ أم إنّ له وجودٌ موضوعيٌّ كما تقولٌ الأسطورةُ الإغريقية ، حيث خرجَ من صندوق باندورا على شكل نور جميل ، تكفيراً ربّما من ( زِيُوس ) عن تلك الشّرور التي خرجت من الصندوق بدايةُ لتتفشّى بين البشر ، والتي وضعها عقاباً لهم ، أو ربّما كان الأملٌ مجرّد وهم وضعه ( زيُوس ) في الصندوق إمعاناً منه في العقاب .
ربما كان ( نيتشه ) محقّاً حين عدّ الأملَ أسوأُ أنواع الشّرور، لأنّه يطيلُ من عذابِ الإنسان ، ولذلك تراهُ يحاولُ هزيمة ألمِ الحياة وعذابِها تلك ، بالّلجوء إلى تنفيذ تلك الآمال ولو وهماً ، عبر إقناعِ نفسه بتلك الأماني والطموحات الزائفة ! .