على الرغم من أن العراق يمتاز بكل المقومات التي تؤهله لأن يكون دولة متقدمة متطورة ( موقع استراتيجي وثروات طبيعية وموارد بشرية ) فإنه حتى هذه اللحظة لم يستطع أن يستفيد من هذه المقومات .
‏فيا ترى ما هو السبب الرئيسي اذا أردت أن تعرف سبب ذلك وكيف تُدار السيـاسة في بـلاد الرافدين، فإن عليك أن تتابع جولات الحوار الوطني التي تقام في الغرف المغلقة، وهي اجتماعات تحضرها قـوى سيـاسية لاخلاف بينها، فيما يصر القـائمون على الحوار على استبعاد القـوى المـدنية .

لا أعرف تفاصيل الاجتماعات، ولا ندري لماذا تستبعد بعض القوى السيـاسية، لكن وقائع ما يجري في المؤتمر تؤشر بوضوح إلى أن القوى السيـاسية لم تفهم الشـعب حتى هذه اللحظة، وتصر على أن تحشر العراقيين في زاويةٍ ضيقةٍ تجعلهم يقولون: ليس في الإمكان أحسن مما كان!!.

ليس صحيحاً أن فكرة إجراء اللقاء ولدت من أجل معالجة حالة الاحتقـان السيـاسي التي تمر بها البـلاد، بل إن القصة بأكملها محاولة لمنح العملية السيـاسية العرجاء جـرعة حياة.. رغم أن النظام السيـاسي سقـط منذ اللحظة الأولى التي سقـط فيها أول شهــيد في إحدى ساحات الاحتـجاج.

وبحسب البيان الذي قيل لنا إنه ناقش خارطة، فإن نقطة واحدة تفسح المجال لممثلي احتجـاجات تشرين ومعهم القـوى المدنية والحـزب الشـيوعي العراقي غابت عن خارطة الطريق، التي أُريد لها أن لا تختلف باللون والطعم والرائـحة عن وثائق كثيرة عشنا خلال السنوات الماضية .

السادة المجتمعون يصرّون على العمل بموجب الديمقراطية العراقية التي تقتضي أن يربحوا الانتخابات كما ربحوها من قبل، والديمقراطية التي يتمسك بها سـاسة العراق، لم يضعها أفلاطون في جمهوريته، وإنما وضعها المفكر عادل عبد المهدي الذي ظل يصرّ على أنّ الاحتجـاج والتظـاهر هما، نوعان من أنواع الإرهــاب يجب أن يُضرب أصحابه بالرصـاص الحي، وبقنـابل من صناعة “الطرف الثالث”.

الذين أحكـموا الخـراب على العراق وأقاموا دولـة الفسـاد وسدوا كل الأبواب والنوافذ أمام المستقبل، والذين طاردوا المتظـاهرين الشباب في الشوارع والساحات، والذين قالوا إن هذا الشعب مجموعة رعـاع ومكانهم القـبر، والذين هرّبوا المليارات، والذين تصدّروا المشهد السيـاسي بفضل أصوات البسطاء من الناس، أصروا على أن يجعلوا منا أقواماً كسيحة وفقـيرة وعاجزة، تتلفت حولها، تتوجس من جارها، وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى نفس الطــائفة .

19 عاماً وتجمعاتنا السيـاسية تفترض أننا مجموعة من المختلّين عقلياً .

19عاماً ونحن نعيش في دولـة أحـزاب تغذّي نفسها من أموال السحت الحـرام، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمِّن له حياته وينشر الأمل والتسامح .

19عاماً ولم يعط النظام السيـاسي الجديد، العراقيين ما يمكن أن يتعلّقوا به أكثر من مصطلحات عن الانبطاح والتوازن والأغلبية والتوافقية.

19عاماً أمضيناها معهم في معـارك طــائفية، ليست بينها معـركة واحدة من أجل المستقبل.

19عاماً من العمر مضت مع الفـشل والخـراب .. والعمر به كم 19 عاماً ياسادة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *