الضجيج حول تشكيل حكومة جديدة، يشبه الضجيج الذي كان عند تشكيل اية حكومة سابقة مع اختلاف التفاصيل والرتوش، وجميعها لم تزد الوضع العراقي الا تعاسة وتدهورا. والذاكرة لا تزال طرية في خلال اقل من عقدين حين كان يجري الإعلان عن التشكيلات الوزارية بوصفها أدوات انقاذ في حين انّ المركب يكون قد انحدر أكثر نحو الغرق.
دائماً، نسمع مفردة الخدمات والتكنوقراط، وهما كلمتان لا أهمية لهما في ظل هيمنة التقاسم الحزبي والسياسي للمناصب، وكل ما يأتي لاحقاً هو مجرد مستلزمات الإخراج.
ما ينبغي ان نراه هو إجابة على سؤال: ماذا اضافت الحكومات من جديد الى معالم بغداد الخدمية الكبرى؟ ولنفتح الملف الخدمي مادامت الأقطاب السياسية تتبجح به في شعاراتها الخادعة دائماً.
مدينة الطب في بغداد، لا تزال في حدودها الدنيا من التجديد والصيانة والمتابعة، وهي قديمة يرجع بناؤها الى ستة عقود سابقة، حين كان عدد سكان العاصمة اقل من ربع العدد الحالي. وهذا في منطق التنمية الحقيقية، يعني انّ حاجة بغداد اليوم هو اربع مدن طبية بمستوى استيعابي لمدينة الطب القديمة الموجودة. هل توقفت حكومة عراقية واحدة امام هذه الحقيقة المؤلمة في الخدمات الصحية لعاصمة عربية عملاقة هي بغداد؟
على ماذا يتصارعون بهذا الشكل المضحك والمأساوي من اجل مناصب وزارية وسيادية اذا كانوا على هذا المستوى من العجز او الاخلال بالواجب الوطني الوظيفي في رسم وتنفيذ مستلزمات بناء الخدمات التي تحتاجها الملايين في الأوضاع العادية والاستثنائية أيضاً؟
ملف الصحة يجب أن يكون ملفاً سيادياً في بلد منهك تتوطن فيه آفات من التردي في سياقات تقديم الخدمات الصحية والطبية.
كيف يكون شكل التقصير الوزاري وتوصيفه، اذا كانت كل حكومة تأتي وتذهب، ولا تزال البنية الأساسية للبلد على حالها المتآكل وان نسبة التحديث هامشية او تشمل مشاريع لا تراعي استكمال الأدوار السابقة في مؤسسات الخدمات.
نتحدث عن بناء المؤسسات الطبية الجديدة في بغداد، لأن العاصمة تحتاج تجديد نفسها في مواكبة مع التطور العالمي وإلا بدت مدينة معزولة عن التطور وتنتمي الى حقب قديمة ليس اكثر.
يا ترى، كم حكومة سنستهلك، قبل ان نشهد بناء اربع مدن طبية تستوعب ملايين بغداد ؟