انتهى الجزء الاول بسؤال : لماذا لا يتحد المدنيون او يأتلفوا او يتحالفوا ، او في الاقل ينسقون فيما بينهم ، بتبادل الافكار او المواقف تجاه أزمة معينة ؟؟؟ ! لماذا هم مشتتين رغم ان الفكر المدني هو واضح فلا يمكن ان يكون هناك تيار مدني واحد يؤمن بالتوافق الذي رفضه التيار الصدري الاسلامي متوافقا مع الدستور والاعتبارات الوطنية فالكل يعرف ان الدستور بعيد عن التعامل بالأعراف السياسية التي سنتها الاحزاب الاسلامية المتنفذة وجعلتها امرا واقعا ، فالبسطاء باتوا يشتمون الدستور مثلا لكونه قال ان رئيس الجمهورية كردي ورئيس البرلمان متصورين ان الدستور يؤمن بهذه الخرافات الدخيلة .. فضلا عن مصطلحات غريبة دخيلة بدأ السادة في الاطار يستخدمونها مثل (المكون الاكبر) وغيرها من السنن التي جعلت من الدستور العوبة .. اليوم وأنا اقود سيارتي كنت استمع الى احد السادة اعضاء الاطار وبعده آخر يقول ما معناه ليس لدينا مشكلة في تبديل مرشحنا السوداني .. المهم ان يكون المرشح يحقق مصالح (المكون الاكبر) !!!! اين المكونات الاخرى؟؟ ومن يحقق مصالحها؟؟ .. تحملت هذه وغيرها منتظرا ان اعرف تمويل هذه الإذاعة فوجدتها قناة حزب الدعوة الاسلامية

نعود الى الاجابة على اسباب الفرقة بين الاحزاب والتيارات المدنية .. سأقولها لكم وهي رأي شخصي وليست نظرية .. انه البعير الذي قصم ظهر القشة ، وليس القشة التي قصمت ظهر البعير .. انها (الأنا) ونسميه مرض الأنا ، وهو ليس بمرض بل هو غريزة ربانية وضعها الله في الفرد لكي يحافظ على ذاته ويمتلك شخصية محددة ويبدع من خلالها .. عليه هي نعمة ربانية كنعمة الدين التي وظفها البعث للصوصية باسمه ، والتبعية تحت غطاءه ،وبظله تتفتت الشعوب ،اما الجانب الايجابي للانا ، فلا يقول لي احد ان داروين او طاغور او الجواهري او زها حديد كانوا تمكنوا من تقديم ما قدموه للإنسانية دون (الأنا) ، ولكن هذه الأنا عندما تتعملق لدى الفرد يصبح موسو لوني او هتلر او نيرون ، وكم نيرون انجب عراقنا الحبيب ولعلنا سنسأل : لماذا هذه الانا لم تفعل فعلها لدى قادة الدول المتقدمة طالما هي غريزة كل البشر ؟؟؟ وأليكم اجابة مختصرة :

عصور وسطى

كنيسة العصور الوسطى دمرت العالم المسيحي ، ويعرف الكثيرون محاكم التفتيش الكنسية المجرمة التي احرقت عالما اخترع الآلة الطابعة في ساحة عامة والجماهير الحاشدة تهلل باسم سيدنا المسيح والصليب وسيدتنا مريم .. لماذا؟؟ لأن المجرم اخترع الشيطان (الطابعة) : اما الحقيقة فهي ان كل كنيسة كان فيها نسخة او نسختين من الانجيل ، مما يضطر المسيحي للذهاب للكنيسة ليعرف احكام دينه وخصوصا في مجال الاحوال الشخصية ، والطابعة ستجعل الكتاب المقدس متاحا للمسيحي وتقل حاجته للكنيسة فيضعف دورها ، بهذه الطريقة وغيرها حكمت الكنيسة (الفاتيكان) اوروبا واشبعتها ظلما وتخلفا .. الى ان جاءت اليزابيث الأم ملكة لبريطانيا حاملة معها الاصلاح لتجد ان الملوك لا يحق لهم تحريك ساكن او تسكين متحرك الا بأمر الفاتيكان .. بكل بساطة جمعت رجال الدين البريطانيين ، وسألت احدهم السؤال التاريخي ” هل يمكن ان تخدم سيدين ؟؟” اجاب بالنفي ، فقالت قولتها التي انقذت بريطانيا وصارت عظمى بحرب ضروس قادتها الملكة الام بنفسها ضد جيوش الفاتيكان ، وتبعتها اوروبا ، ولو ظلت الكنيسة لكان البريطانيين اليوم يعبرون البحار ليطلبوا اللجوء الى “سيد دخيل” ليعيشوا بين الذئاب ، ولعل توالي هجماتها قد تقودنا لتشكيل قوات مكافحة الذئاب ..
اوروبا صورة من صور الدولة المدنية .. ما الذي قتل الأنا فيها وصارت النظام الديمقراطي الاول في العصر الحديث ؟؟ انها “نظام الدولة المدنية” دولة لكل الأديان والمعتقدات ،

قدتكم يا مدنيي العراق للتفكير في حل معضلة الأنا التي هي هاجس كل من يريد التحالف ، والحل هو بوثيقة يشارك بوضعها كل الاحزاب المدنية تنظم وتؤشر الطريق للقيادة الجماعية .. انها ببساطة شديدة ان تتخذ القرارات وقبلها توضع البرامج بالأغلبية ،ولا داعي للقول ان الامين العام هو عضو قيادة كلفته القيادة بأن يدير اجتماعاتها ، ويساعد القيادة في الاشراف على عمل اللجان ويستعين بأمانة السر لتحقيق ذلك

تجدر الإشارة الى ان هذه الوثيقة ينبغي ان تكون دستورا للتحالف على ان يكون دقيقا للغاية لا يحتاج الى محكمة اتحادية لتفسير نصوصه وتعلن الفرق بين الكتلة النيابية والكتلة الانتخابية ، ذلك التفسير الذي جعل “العراقية” تخسر في الانتخابات وهي الفائزة فيها . ولعله من المفيد الذكر ان بنود هذه الوثيقة لا بد لها من ضمانات وجزاءات واضحة كي لا تتحول الوثيقة من ضامنة للمسار الى ما يشبه الانظمة الداخلية لبعض الاحزاب والمركونة على الرفوف يعلوها الغبار ، تأكلها الارضة كوثيقة مكة .

هذا هو الخيار الأول والذي يتطلب التضحية في سبيل محاربة الأنا لتحقيق المباديء حيث ان طريقها دائما هو طريق الخسارات المادية والمعنوية ، بل هو الطريق الموحش قليل السالكين المؤدي الى انقاذ البلدان والشعوب … وهناك خيار آخر فقط لا غيره ، وهو استمرار الضعف مع عشرات العروش المليئة بالمسامير والتي تؤدي الى اللاجدوى واللامكان .. مع العرض ان المسار الاول يخدم الامين العام الذي استحق اللقب بجدارة ويقويه كونه سيوفر له قيادة حقيقية تسودها روح الفريق الواحد (team spirit) والتي لا تخطيء الا نادرا بينما الحالة الثانية ستحقق للأمين العام اتباع مطيعين لا يفكروا سوى بنيل رضاه مهما كان الثمن

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *