ينبغي على القادة السياسيين ، أن يمتلكوا رؤى استراتيجية في العلاقات الوطنية ، وفي الاقتصاد ، وفي التصورات نحو بناء دولة مؤسساتية قانونية مانعة وقوية ، وفي تحولات التغيير التي تجري في اركان الكونية ، وقبل هذا وذاك في تطلعات الشعب وفهم الخلل الناجم عن العلاقة بين السلطة والمواطن .في كتاب دروس من التاريخ ، يؤكدا ويل واريل ديورنت نقلا عن قول القائد الأمريكي لينكولن _ لا يمكنك خداع كل الناس طوال الوقت ،لكن يمكن خداع بعض الناس لفترة محدودة _ فإذا كان الناس لسنوات محدودة مخدوعة بشعارات معينة أو بخطابات تلهب العواطف أو بأفكار ما يسمى بتقاسم المنافع والمصالح ومواقع السلطة ، فأن _ 20_ عاما من الحكم كافية لإظهار الخلل لدى المواطنين ، ومن هنا يبرز العقل الاستراتيجي للسياسي والحاكم في اجراء عمليات التغيير ، لكون المضي بسياسة _ 20_ عاما من الفشل ، يعني هذا انغلاق فعلي في رؤية الجديد من التطورات الداخلية والخارجية ، ويؤكد مثل هذا الإصرار على مضاعفات الخلل بين السلطة والشعب وبين كتل وتيارات السلطة مع بعضها البعض .

ويشير نفس الكتاب أي كتاب دروس من التاريخ ، _ عندما تنهار العلاقة بين السلطة والمواطن هو بسبب فشل النظام السياسي في أن يستوعب الرغبة الشعبية في التغيير ، وان الحالة السياسية باتت لا تطاق بحكم توغل الفاسدين ، وقيام محدثو النعمة في بناء القصور المبهرجة وتزيين نساءهم بأجمل الحلي واغلاها ، في حين يزداد الفقر في أوساط المواطنين دون أن يراه القائد السياسي وكذلك لا يرغب في اتخاذ إجراءات التغيير والمعالجة ، فأن الامر يتعدى حدود قبول مثل هذه القيادات .

الان فمن لا يرى الاعداد الهائلة من الفاسدين والنهابين والحرامية الذي تعلن عنهم النزاهة وفي مستويات مختلفة بالحكم من وزراء ومدراء عامون ومحافظين ووكلاء وزارات ومجالس محافظات ، فأنه يقيناً لا يشعر بخطورة الامر ولا يدرك النتائج التي ستفرزه على المستوى الوطني والشعبي ، ومن يتعامل مع هذه القضايا بمواقف ورؤى تسامحيه ، فأنه يقينا يريد الذهاب بالبلاد الى حافة الهاوية . ويعد هذا الانسداد السياسي ، وتقاطع وجهات النظر في الرؤية للازمة وعدم معالجتها وحلها مرتبطا بعملية التجاسر على الدولة وقوانينها وحقوق الشعب وتطلعاته في التغيير .

لقد اصبح لزاماً تحديد المخرجات لكي لا تذهب البلاد الى حالة الاختناق والتصادم ، وان الحلول ليست خارج الممكنات ، وهي اجراء الانتخابات وتعديل الدستور وحكومة مقبولة ضامنة لفترة محددة ، ثم ليس هناك قبولا مجتمعيا بسياسة كسر الارادات أو العبور على جهة والقبول بجهات أخرى ، فالبلاد بحاجة ماسة الى التنازلات لمصلحة الوطن ، والعمل على تحقيق المخرجات الوطنية المعبرة عن الإرادة الشعبية ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *