حين كنتُ مستسلما لمقص الحلاقة ، متفحصاً بخلسة اصابع حلاقي ” حارث” ، وهو يناور في شعيرات رأسي ، حائرا في وضعها المناسب ، وسط صعوبة ذلك ، بسبب قلة تلك الشعيرات مقابل سعة مساحة الفراغ الذي سببته السنين في فروة الرأس ، الذي اثمر عن اتساع ( صلعة ) لم تفد معها اسنان المشط في ترتيب بقايا الشعيرات الواقعة على جانبي الرأس ، وانا على هذا الحال ، تنامى الى مسامعي شكوى الحلاق الثاني ” احمد ” وهو يبثها بصوت واضح ، الى زبون ينتظر دوره في الحلاقة .. شكوى غريبة ، تدعو الى الضحك والمرارة في آن واحد ، وددتُ نقلها لكم:

يقول احمد ، انه اصبح في الاشهر القليلة المنصرمة ، صديقا لعشرات من مصلحي اطارات السيارة ( البنجرجية ) ، وبات عددهم يفوق عدد الاصدقاء العاديين ، وحين سأله الزبون عن سبب ذلك ، قال احمد باستياء ، وبنبرة صوت هازئة : السب هو كثرة الثقوب التي تحدث في اطار سيارته ، في منطقته ، وفي الاماكن الاخرى ، رغم كونها جديدة و” جوبلس ” ، ومن النوع الجيد ، لكن رداءة الطرق ، وكثرة وجود الحصى الناعم عليها ، نتيجة مرور سيارات الحمل ” القلابة ” التي تحمل اطنان من الحصى دون غطاء محكم ، ما يجعل آلاف من الحصى الجلمود الصغير والمدبب مثل المسامير ، يتطاير الى الشوارع ، مسببا تمزققا في الاطارات ، وفي مرات عديدة يؤدي الى حوادث نتيجة الشظايا الناتجة عن تكسر الزجاج الامامي للسيارة ، او المصابيح ..

استوقفني الامر فعلاً ، فهو قد يبدو هيّنا عند البعض ، ولا يستحق ان يأخذ حيزا في الصحيفة ، لكني اجده مهما .. فالاهتمام بمشكلة صغيره يعاني منها المواطن ، يعني فتح نافذه للإصلاح العام ، ولا اظن ان ما طرحه السيد احمد ، مثار استغراب ، فالمضار التي يسببها التساهل في مسألة غض النظر عن سيارات الحمل الكبيرة التي تجوب بغداد والمحافظات حاملة مستلزمات البناء دون اغطية امينة ومحكمة ، هي عديدة ، واذا تركنا موضوعة اطارات السيارة ، ومعاناة المواطنين بشأنها ، فإن سؤال مراكز الشرطة والمستشفيات عن الاخطار التي نتجت عن ما تنثره سيارات الحمل من مواد مؤذية في الشوارع والطرقات المؤدية الى البيوت قيد التشييد ، سيجد جوابا مؤلما .. فالحوادث يومية ، ومشاكل نزاعاتها عديدة ، وتصل في أحايين كثيرة الى شجار ، وربما الى نزاعات عشائرية .

ومعذرة من المواطن الذي يقول بسره : هي “بقت” على اصلاح اطارات السيارة المثقوبة .. فكل شيء عندنا مثقوب ، لا ينفع معه ” بنجرجي” .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، سائلين الرحمن الرحيم ان يجد حلاً لإصلاح قلوب ونفوس من بيدهم أمرنا .. آمين.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *