قرار اوبك بلص الاخير بخفض الإنتاج له مبررات فنية معقولة تتعلق بمخاطر الركود الاقتصادي و رفع الفائدة على الدولار و الحاجة الملحة لخلق اجواء من الاستقرار تطمئن المستثمرين في قطاع النفط. و بلا شك لهذا الاسباب انعكاسات سياسية خطيرة في هذا التوقيت الحرج. فالولايات المتحدة تعتبر هكذا قرار فيه تحيز لصالح روسيا في ظرف يبحث فيه الغرب عن ايجاد بدائل للأستغناء عن الغاز الروسي. قرار الخفض فيه مكاسب انية لدول اوبك بلص فيما يخص الواردات و تعويض خسارات الشركات النفطية خلال فترة الوباء ، لكن على المدى البعيد ستكون انعكاسات هذا القرار سلبية اذا اعتبرت واشنطن هذا القرار غير اخلاقي و يهدد المصالح الأمريكية!.

الولايات المتحده ليست محتاجة للنفط لكنها محتاجة لضبط السعر العالمي للنفط في حين ان اسعار النفط متغيرة و متأثرة ببعضها بطريقة ديناميكية و بتأثير واضح من الشركات المتحالفة في اوبك بلص، و هذا الأمر طالما يثير قلق واشنطن لانها تشعر بفقدان السيطرة على عنصر حيوي مهم يؤثر على اقتصاد السوق و حاجات المواطنين في الولايات المتحدة، هذا بالرغم من ان الشركات النفطية في الولايات المتحدة تشعر دائما بارتياح اتجاه هكذا قرارات تساهم في رفع وارداتها و بشكل غير مباشر يرفع عنها الحرج.

اليوم في الغرب هنالك حاجة ماسة مدفوعة بموقف اخلاقي لايجاد مصادر بديلة للطاقة و بديلة عن المصادر الروسية، لذلك الولايات المتحدة و حلفائها في الغرب جادين اليوم اكثر من اي مناسبة سابقة في التخلص من ابتزاز منتجي الوقود الاحفوري ، و في هذا السياق اتخذت قرارات مهمة اهمها ما يعرف بالصفقة الخضراء التي تهدف لخفض الانبعاثات الكربونية من مصادر الطاقة التقليدية ، و الذي سيساهم بالنتيجة في الاستغناء عن نسبة كبيرة من حاجات اوروبا للوقود المستخدم في قطاع النقل( اكثر من ٤٥٪ من انبعاث الغازات الكربونية يتسبب به قطاع النقل)، فضلا عن اصرار تلك الدول على اللجوء لمصادر الطاقة البدائية لتثبيت موقفها الاخلاقي اتجاه العقوبات المفروضة على الغاز الروسي المصدر.

الولايات المتحده ليست بعيدة عن تلك المواقف الأوروبية، لذلك ان اعتبرت واشنطن موقف اوبك بلص الاخير موقفا غير اخلاقيا لا سيما انه يعزز من واردات روسيا ، فهذا سيدفع واشنطن لإقرار قانون نوبك الذي يمكن واشنطن من معاقبة الشركات المملوكة لحكومات من احتكار النفط و التلاعب بأسعاره بما يضر المصالح الأمريكية. قانون نوبك قانون يجري تداوله و دراسته منذ فترة طويلة و هو مشروع قانون متفق عليه بين الجمهوريين و الديمقراطيين ، واشنطن ترى ان سوق النفط يجب ان تكون سوق منافسة حره غير تآمرية، بعبارة اخرى تريد ان تجعل التجارة في قطاع النفط في خانة معزولة عن التأثيرات السياسية المصدرة للبترول.

نحن في العراق علينا ان ندرك جيدا ان العالم يتغير بسرعة و ان سياسة القطب الواحد بدأت تتلاشى ، و عوامل القوى ايضا اصبحت مختلفة فكما ان الولايات المتحدة لم تعد القوة الوحيدة المؤثرة في العالم، النفط العربي ايضا لن يكون بعد اليوم من اهم حاجات العالم الأخضر ان جاز التعبير. لذلك علينا ان نستغل هذه التحولات السياسية و الاقتصادية في تحقيق مكاسب مهمة للعراق و اهمها الان هو إستغلال موقف دول اوبك بلص المضغوط امريكيا في رفع حصة العراق من صادرات اوبك بلص، هذا التوقيت هو الانسب لهكذا مطلب لانه سيكون مشفوعا برغبة أمريكية و حاجة عربية للحفاظ على بقاء العراق في اوبك بلص.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *