-1-
قد تجد مَنْ ينطوي على فَضْلٍ جَمّ وعلْم غزير ولكنه لا يحظى عند الناس بما يجب أنْ يحظى به مِنْ تقدير وثناءَ ، وفي المقابل :
قد تجد مَنْ لا يرقى الى ما ارتقى اليه الأول مِنْ عِلم وادبٍ ولكنه محبوبٌ عند الناس ، وممدوح على ألسنتهم ..
وهنا يثور التساؤل عن سر هذه المفارقة ؟
والجواب :
ان مداراة الناس فَنٌّ لا يحسنه الكثيرون .
وربما زهد فيه بعضهم فآل أمره الى الركود ، فيما أحسنه البعضُ الآخَرُ الذي قد لا يتسم بما اتسم به الاول من مواهب ومناقب فنال به مِنَ الناس مانال من حب وتقدير وثناء .
-2-
ان طباع الناس مختلفة ، وليس مِنْ حَقّك أنْ تُكره احداً على القبول بمزاجك وطباعك ولابُدَّ لك مِنْ مداراتهم وصولاً الى صيغة التعايش السلمي المطلوب .
وفي هذه المساحة الواسعة من التعامل تتجلّى القدرة الذاتية على اصطناع المواقف المناسبة التي يستقبلها الناس بالرضا والقبول .
-3-
وللخطابي ( حمد بن محمد بن ابراهيم ) ت 383 أو 388- بيتان جميلان في المدارة حيث قال :
ما دمتَ حّيَّاً فدارِ الناس كُلَّهُمُ
فأنما أنتَ في دارِ المداراةِ
مَنْ يَدْرِ دارى ومَنْ لم يَدْرِ سوفَ يُرُى
عمّا قليلٍ نديّما للنداماتِ
نعم
لاشك ان الفشل الاجتماعي يوجب الندامة وهي لا تنتقذهُ مما آلت اليه أوضاعه من التحجيم والتعتيم .