نعيشُ في زمن صراع الهويَّات، فلا رايةَ تجمع عموم المجتمع بعدما تفكك عبر عملياتٍ ممنهجة لمسخ هويته الوطنية فأصبح – وللأسف- التخندق في زوايا محددة هو الحل الذي يعتقده البعض. زيدٌ من الناس يعتبر المذهب، الطائفة، القومية، او فكرته الخاصة حول مفهومٍ ما هي هويته الفعلية، وهذا ضربٌ من التباس الحق، بل والبعض ” يروح زايد” ويصرخ في وجهك بأن بلداً مثل العراق لا يمتلك هوية وانما هو ضائع تحت راياتٍ عديدة ” من يوم يومه” .
في الواقع وإذا أردنا مقارنة تجربتنا الحالية مع مجتمعات أخرى فهي موجودة بل وأتعس من حالنا بكثير، لكنها قد انتهت بفعل تطور العقل فلم أسمع ان شخصيةً مثل بوتين خرج يوماً وقال ( انا ارثذوكسي وافتخر بارثوذكسيتي) هذا اذا لم يكن ملحداً من الاساس، ولم يقل ارمسترونغ عندما هبط على سطح القمر ( انها خطوة صغيرة للكاثوليكية، ولكنها كبيرة للمسيحية) بل قال ( انها خطوة صغيرة للانسان، كبيرة للانسانية) وما زال الى يومنا هذا يُحسب انجاز غزو الفضاء والصعود على القمر امريكياً.
ما فعلته بنا الطائفية، وما تمارسه الحكومة من محاصصة، بل وحتى في توزيع المناطق السكنية في المحافظات جعلت عند العقل الجمعي للناس مفهوم خاطئ بأن لا بد أن تفتخر بهوياتك الفرعية وتبرزها وكأنها مدعاة الفخر على هويتك الشاملة التي تجمعك بالصابئي والمسيحي والايزدي على مائدة واحدة، فالفرعيات قد تكون “معتقد” تمارسه بينك وبين نفسك لا ان تعممه كقانونٍ وشريعة إلهية تحدد بها نمط الحياة الخاص بالآخرين. هنالك العديد من المحاولات التي تحاول ان تفكك النسيج الوطني الذي آلفه العراقيون لقرون عديدة وكلها باءت بالفشل لكنَّ الوضع الآن يختلف نسبياً لوجود العديد من وسائل التواصل والمنصات الاعلامية والكثير من ” الهمبلات” من بعض الاشخاص اصحاب التأثير على العقول التي اصابها الصدأ، فتجارة الهويات باتت رائجة لبعض الناس الذين ” ما يطلع حسهم” الا في هذه المواضيع المشينة وقد سرى بهم المثل الشعبي ” وكت دگ الكبة نايم قرندل، وكت أكل الكبة كاعد قرندل”.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *