جرت مباحثات في بغداد من خلال زيارة رئيس إقليم كردستان العراق الى رئيس الحكومة العراقية ومسؤولين آخرين، وقالت الاخبار انّ المباحثات تتصل بالموازنة التي تثار حولها الخلافات دائماً، كما تمّ الحديث عن تطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بمناطق جغرافية طالب الكرد بإعادة ترسيمها واجراء الاستفتاء فيها لضمها الى اقليمهم شبه المستقل، وهذا الكلام مكرر مع مجيء كلّ حكومة جديدة من دون أن يحدث أي تقدم
في هذا الملف، الذي بات إقليمياً ودولياً أكثر من كونه عراقياً محلياً.
العلّة الأساس التي يلف و يدور حولها الجميع هي الدستور الذي شبع تجاوزات عليه في خلال السنوات الماضية حتى فقد القدرة على فاعلية الأداء في الفصل في شؤون البلاد الخلافية، كون المتمسكون بوضعه الحالي من ذوي التوجهات الانتقائية بحسب المصالح الآنية، ومن ثمّ لا يسهم الدستور في إقرار القضايا الكبيرة التي تخص البلاد.
الخطوة المُلحّة هي التوافق الوطني على التعديل الحقيقي للدستور من دون ترك فراغات تحتمل الملء الاجتهادي والمطاطي، ومن ثمّ التصويت الشعبي على التعديلات، وبعد ذلك الانتقال الى مرحلة التطبيق الفوري لبنوده.
الأهم من ذلك هو أن يصارح الطرفان في بغداد وأربيل الشعب العراقي بحقيقة المشاكل الأساسية التي من الممكن معالجتها من دون ان يكون الدستور بوضعه الراهن عائقاً امام حلولها.
انّ سياسة ترحيل الازمات والتوافق على تسكينها المؤقت أثبتت فشلها، وانّها قنبلة موقوتة قد تنفجر في ايّ مفترق طرق مقبل.
لعل التدخلات من دول الجوار في أمور تخص السيادة العراقية أظهرت مدى الحاجة لتوحد القرار العراقي من دون الانقياد وراء الفرعيات والتفاصيل التي تكمن المصائب فيها. غير انَّ كتابة دستور جديد معدل سيضع الجميع أمام مسؤوليات حقيقية في الدفاع عنه والالتزام بنصوصه ، كما انّ أكثر من عقد ونصف العقد على انجاز الدستور يتيح امكانية القيام بتعديلات ،كون المراحل المتقلبة التي مرّ بها العراق كشفت عن خلافات جوهرية وثغرات لابدّ من سدها.
بلا شك، انّ الحكومة الانتقالية الحالية، إنْ كانت انتقالية فعلاً، غير متوافرة على إمكانية قيادة مشروع تعديل الدستور الذي يتطلب اجماعا وطنيا مفتوحا على كل الاتجاهات.
في المعيار السياسي فإنّ زيارة رئيس الإقليم الكردي الى بغداد، تعارفية و وتفاهمية اجرائية في سياق التطلع الى المستقبل القريب، ليس أكثر من ذلك، بحسب المعطيات المتاحة بين أيدينا الان