يقول اهل طنجة المغربية عن البحر المتوسط والمحيط الاطلسي ، وهما من تقع على سواحلهما المدينة ، نتمتع بجمال منظرهما كل صباح ويعكس الماء زرقة ارواحنا ، لكننا عندما نعطش نشرب من الينابيع .

هذه الخاطرة الشعرية والحياتية والازلية تذكرني ايضا بما ينشده ابناء مدينتي الناصرية التي لا تبتعد عن بيت النبي ابراهيم في اور السومرية سوى بعشرة اميال : أننا نملئ عيوننا بسير موج الفرات الذي يقسم المدينة الى قسمين ولكننا نشرب من ماء دجلة لأن الفرات يصل الينا مالحاً.

وقصة الملح معنا تأتي مع مقولة كتبها احد الهنود وهو يقول :نحن نحتاج للملح اكثر ليكون مع الخبز وليس مع الماء . ومتى كان الملح في الماء ابتعدت عنه الافواه العطشانة وكذلك بساتين النخيل والحدائق وحقول القمح .

ثنائية الملح والماء متلازمة لتواريخ احلام البشر وهجراتهم من مكان الى آخر . ولكن متى استجدت تفاصيل عيش البشر في التطورات الجديدة حاولوا ان يقللوا من مواسم الهجرة في جفاف الفصول وبحثوا عن اشياء تبقيهم في المكان الذي اغلبه كان فيما مضى صالحا للعيش. ولكن في ظروف قاهرة لا تستطيع المتغيرات والمكننة والات الحفر ان تفعل شيئا ،لأن المنطق السائد والباقي منذ ايام الاسكندر المقدوني والى اليوم أن الخداع والسيف والسياسة تنتصر على الحلول والاماني الممكنة في امنيات البشر ، والاهوار العراق في جفافها وارضها المالحة القاحلة هو واحدة من امثلة حديثنا هذا .

ولكن الاهوار لها الله ،ذلك لأن الغرابة في حالتها تكن في الصمت الحكومي وسير السلحفاة في ايجاد الحلول ،فخضعوا لقدرية الحياة وتجارب تواريخهم البعيدة وشدوا الرحال الى المدن والعشوائيات ومساطر الطين .

الحديث الأن عن البصرة المالحة ، واقصد مائها المالح ،وعداه فأن كل شيء في البصرة بمذاق السكر ،قلوب اهلها وتواريخها وطبيعتها .

الملح كما رياح الشرجي عند اهل البصرة بات يغير مزاجهم واحوالهم وحتى احلامهم ، وما على الدولة سوى ان تذهب الى البحر وتحلي مائه كما يفعل اهل الخليج والبلدان المتحضرة ، ومشروع تحلية مياه البحر ليس مشروعا جديدا بل هو مقترح قديم لم تمتلك الارادات قوة القرار وتبدا بإنشائه ،يقال ان الخطوات الاولى بدأت وان محافظ المدينة وحكومتها المحلية مصممة على ان عطش البصرة سيزول بتحلية ماء البحر من جهة الفاو . وان تحقق سيفترض اهل البصرة ما كان يقوله اهل طنجة عن المحيط والبحر ،لكن الفرق ان البصرة ستشرب ماء البحر حلوا وطنجة تشربه من الينابيع.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *