تمهيد .
يعد الدستور العراقي الذي كتب على عجالة ، والعراق تحت الاحتلال الامريكي من الدساتير التي باتت عبئا على شعوبها ، خصوصا وأنه يعد من بين الدساتير الجامدة كونه مكبل بحق النقض لثلثي ثلاثة محافظات ، وهذا ما عبر عنه سماحة السيد السيستاني حسب ما ذكره الحاكم المدني بول بريمر في مذكراته ، حيث ذكر ان سماحته احتج على هذه الفقرة برسالة من خلال وسيط قائلا “هل يجوز ان ينقض ثلثي المصوتين لثلاثة ولايات امريكية قرار الشعب الامريكي برمته ” .. اما كونه بات عبئا فلأنه بات سببا في ازمات العراق من خلال المادة (76) منه والتي هي وغيرها باتت سببا في الانسدادات السياسية المرعبة التي وضعت العراق على حافة الهاوية لمرات عدة .
هذا فضلا عن ان الدستور يفتقر الى ضمانات تنفيذه ، والتي تسمى بالفقه القانوني “ضمانات الدستور” ولكي لا نطيل في الشرح لهذا الجانب نذكر ان الاحزاب السياسية تمكنت من أنفاذ اعراف خارج الدستور ” رئيس الجمهورية كردي ، ورئيس البرلمان سني ، ورئيس الوزراء شيعي . فضلا عن آلاف الخروق فمثلا يؤكد الدستور ان قائد الفرقة فما فوق يصادق على تعيينه مجلس النواب ، وعين الآلاف ولم يمر منهم احد على مجلس النواب .
الصفة السلبية الاخرى هي ان الغموض يحيط ببعض المواد المفصلية فيه مما جعل اللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا طلبا للتفسير هي اكثر من المعتاد في اي بلد فضلا عن انها اعطت مساحة مناسبة لأمزجة الكتل والاحزاب السياسية
بما ان التعديلات المقترحة تحتاج الى بعض التوضيح فاسمحوا لنا الخروج عن الصيغ الرسمية ووضع الاسباب الموجبة لتعديل كل حالة بعد حالات التعديل المطلوبة بشكل منفرد .

التعديلات المقترحة
1.تعديل المادة( 2/ثانيا) لتصبح ” يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي ، كما ويضمن كامل الحقوق القومية والدينية لجميع الافراد من خلال حق المواطنة الذي لا يسمح بأي امتياز لمواطن على آخر بسبب الانتماء القومي او الديني او المذهبي .
2. تعديل المادة (3) لتصبح ” العراق بلد عربي مسلم وهو جزء من الامة العربية والعالم الاسلامي
الاسباب الموجبة : توجد امة عربية وأمة المانية وأمة امريكية ، ويوجد عالم اسلامي وعالم مسيحي كون الاديان عقائد سماوية مقدسة عابرة للأوطان والقوميات والقارات ، ولا تكفي العقائد لوحدها لتكوين امة بينما القومية فيها اللغة التي هي الثقافة والوحدة وفيها الدم والتأريخ المشترك والمصير المشترك وغير ذلك الكثير.. فضلا عن ان عرب العراق يشكلون اغلبية الشعب العراقي ، وهذا لا يرتب لهم افضلية في ظل مبدأ المواطنة ، ولكنه يمنحهم الحق الشرعي ان يكون بلدهم جزء من الامة العربية ، شريطة ان لا يرتب ذلك لعرب ومسلمي العراق اي افضلية على غيرهم .
3.تعديل المادة (7/اولا) لتصبح ” يحظر كل كيان يتبنى العنصرية او الطائفية او ان تكون بنيته التنظيمية من لون مذهبي واحد ، او يتبنى العنف المسلح في عمله السياسي ، او يمتلك السلاح او يمارس التحريض العنصري أو الطائفي او التكفير ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وينظم ذلك بقانون على ان لا يمس جوهر الحقوق والحريات المقرة في هذا الدستور ، ولا يتوسع او يخرج عن دائرة الحظر من العمل السياسي ويضمن القانون امكانية اعادة تلك الكيانات الى العمل السياسي متى ما غيرت اتجاهاتها وأعادت تأهيل نفسها لتجاوز الاسباب التي حظرت لأجلها بشكل ملموس وواقعي .. وينظم ذلك بقانون واحد .
الأسباب الموجبة :- الاحزاب ينبغي ان تكون مشاريعها وطنية تهدف الى تعزيز وحدة المجتمع العراقي وسيادة البلد ورفاه شعبه كله . ومهما كان الفكر المتبنى وطنيا فأن الحزب الذي يضم لون واحد سيمثل ذلك اللون شاء ام ابى ، فالحزب الاسلامي السني مهما علا فسيمثل سنة العراق ويلعب بالورقة الطائفية ، وهكذا حزب الدعوة الاسلامية ، فلا يمكن بالمطلق لحزب لا يتمكن من ظم 10% في الاقل من لون آخر الا ان يكون مشروعه سنيا او شيعيا وليس وطنيا بالمرة ، وقد لاحظنا جميعا كيف تطورت فكرة الكتلة الاكثر عددا الى نظرية (المكون الاكبر) بعيدا عن الدستور .
4. تعديل المادة (9/اولا/آ) لتصبح ” تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الامنية من العراقيين حتما دون تمييز او اقصاء ، مهمتها الدفاع عن امن وكرامة العراق وشعبه ، ولا تكون اداة لقمعه ، ولا تتدخل في الشؤون السياسية مطلقا ولا دور لها في تبادل السلطة . وليس لها حق التصويت بالانتخابات ، فضلا عن حذف مفردة (المكونات) اينما وجدت في هذا الدستور .
الاسباب الموجبة :- دخلت ثقافة المكونات دستور دولة لبنان بالمادة (23) من الدستور اللبناني للعام 1926 وتعديلاته التي نصت على (( توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية: أ – بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين• ب – نسبياً بين طوائف كل من الفئتين• ج – نسبياً بين المناطق•)) ولم تصبح لبنان دولة لحد الآن ولن .. الا اذا عادت الى ثقافة المواطنة وغادرت ثقافة المكونات .. بالتالي فأن (التوازن المكوناتي ) حتى وأن كان مقبولا في اي مفصل من مفاصل الدولة وهذا مستبعد لأن الأمر محسوم لصالح المواطنة ، عليه يكون (التوازن) في القوات المسلحة امر مرفوض تماما فضلا عن كونه مرفوض في باقي المفاصل 5. اضافة مادة مستقلة ” لا ولاء الا للعراق وشعبه ويضمن هذا الدستور حماية وطنية العراقي من التبعية الثقافية او اي نوع من انواع الولاء لدول اخرى تحت اية ذريعة كانت .
الاسباب الموجبة :- الولاء الديني والتقليد حق مقدس كفله الدستور ، ولكن الحالة العراقية في هذا المجال مختلفة تماما ، فقد حسمت بعض الفصائل المسلحة ولائها ليس فقط لولاية الفقيه في ايران بل لدولة ايران ، وبشكل مكشوف وعلني ، فعندما يسأل زعيم سرايا الخراساني عن سبب تسمية الفصيل يجيب ” تيمنا بالسيد الخامنائي لأنه خراساني ، وهناك اناشيد وطنية في اذاعات عراقية لفصائل مسلحة اخرى تقول ” نحن عشاق الولاء لعلي الخامنائي ” ، كل ذلك ممكن قبوله لو لم يكن التشيع عربي المصدر اولا والعراق بلد آل البيت (ع) السلام فليس النجف الاشرف وكربلاء المقدسة فقط بل بغداد المقدسة بالكاظمين (ع) وسامراء المقدسة بالأمامين العسكريين (ع) ، ولدينا الحوزة العلمية في النجف بمراجعها العظام وعلى رأسهم سماحة السيد السيستاني .. وكل ذلك يكفي للولاء للعراق من الناحية الدينية .. الأمر الاخطر ان سماحة السيد الخامنائي هو ليس مرشدا فقط فقد جعله الدستور الإيراني قائدا اعلى للقوات المسلحة والحرس الثوري والباسيج والجن درمة والصلاحيات الدستورية لسماحته معروفة تبدأ بإقالة رئيس الجمهورية المنتخب نزولا الى حق تعيين وأقاله مدير الاذاعة والتلفزيون بالمادة (175) التي اطلقت على سماحته لقب القائد ، اما المادة (176) فقد منحت سماحته ” اقرار السياسات العامة والامنية…آلخ” ، فضلا عن المادة (177) التي نصت على ” يصدر القائد بالتشاور…. امرا الى رئيس الجمهورية ينص على المواد الدستورية التي يلزم تعديلها او اضافتها ” .. نخلص من كل ذلك الى ان ايران كما نص دستورها ” جمهورية اسلامية تدين بالمذهب الاثني عشري الى الابد ” وأن قائدها الأعلى هو سماحة المرشد ،فضلا عن ان ” مهمة جمهورية ايران الاسلامية توحيد الامة الاسلامية ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا ” بينما العراق ” بينما ينص دستور العراق على انه ” دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة . نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي ” ليس من اهدافها توحيد احد لأنه ” يلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى …” .. عليه ينبغي التأكيد على ان سماحة المرشد هو رجل دولة فضلا عن كونه يمثل الولي الفقيه ، ولكن الدولة العراقية ومؤسسات ورموز الدولة العراقية ملزمون دستوريا بقسم الولاء للعراق … ناهيك عن ان هذا الولاء ولد ولاءات لدول اخرى لسياسيي السنة فقد بات السيد ارد وغان مرجعا دينيا لهم رغم انه رجل دولة من الطراز الاول فقط وليس فقيها اصلا . 6. تعديل المادة (48) لتصبح ” تكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس الاتحاد الذي يمثل السلطة التشريعية الاولى ، ومجلس النواب الذي يمثل السلطة التشريعية الثانية .
وللحديث بقية في الجزء الثاني والاخير

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *