في‭ ‬مطلع‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أطلق‭ ‬صحافي‭ ‬أمريكي‭ ‬يدعى‭ ‬جون‭ ‬ويلسون‭ ‬جائزة‭ ‬تهكمية‭ ‬سمّاها‭ ‬‮«‬التوتة‭ ‬الذهبية‮»‬‭ ‬تمنح‭ ‬لأسوأ‭ ‬ممثل‭ ‬وأسوأ‭ ‬ممثلة‭ ‬وتطورت‭ ‬لكي‭ ‬يمنح‭ ‬للأفلام‭ ‬السيئة‭ ‬والقصص‭ ‬الأسوأ‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬يتفادى‭ ‬المتطلعون‭ ‬لنيل‭ ‬جائزة‭ ‬الاوسكار‭ ‬في‭ ‬هولويود،‭ ‬أول‭ ‬شيء،‭ ‬الجائزة‭ ‬التي‭ ‬تصمهم‭ ‬بالعار‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬الجوائز‭ ‬الحقيقية‭ ‬المتألقة‭ ‬للأوسكار‭.‬

معظم‭ ‬الذين‭ ‬أصابتهم‭ ‬لعنةُ‭ ‬التوتة‭ ‬الذهبية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمتها‭ ‬خمسة‭ ‬دولارات‭ ‬ومصنوعة‭ ‬من‭ ‬البلاستيك‭ ‬الرخيص،‭ ‬تحاشوا‭ ‬حضور‭ ‬حفل‭ ‬توزيعها‭ ‬ولاذوا‭ ‬بالصمت،‭ ‬ومنهم‭ ‬مَن‭ ‬تعامل‭ ‬بروح‭ ‬رياضية‭ ‬وخفة‭ ‬دم‭ ‬وحضر‭ ‬واستلم‭ ‬الجائزة‭.‬

‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬المعنى‭ ‬المباشر‭ ‬لجائزة‭ ‬العمل‭ ‬السيء‭ ‬أو‭ ‬الممثل‭ ‬الأسوأ،‭ ‬فإنّ‭ ‬هناك‭ ‬فوائد‭ ‬إيجابية‭ ‬لمَن‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التكريم‭ ‬الفضائحي‭ ‬أو‭ ‬للذين‭ ‬يراقبون‭ ‬المشهد،‭ ‬ذلك‭ ‬انَّ‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والاخطاء‭ ‬هو‭ ‬المسألة‭ ‬الأساسية

‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬النجاح‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬التفوق‭. ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬نجاح‭ ‬باهر‭ ‬من‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ومسيرة‭ ‬مشاهير‭ ‬الادب‭ ‬والفن‭ ‬والعلم‭ ‬والسياسة‭ ‬تثبت‭ ‬هذا‭ ‬الكلام،‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬هنا‭ ‬لسرد‭ ‬عثرات‭ ‬المشاهير‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصلوا‭ ‬الى‭ ‬منصات‭ ‬التألق،‭ ‬حتى‭ ‬انَّ‭ ‬هناك‭ ‬مشاهير‭ ‬في‭ ‬التطرف‭ ‬والدموية‭ ‬أصابتهم‭ ‬عثرات‭ ‬ونكسات‭ ‬واهانات‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياتهم‭ ‬دفعتهم‭ ‬للتعلّم‭ ‬مما‭ ‬أصابهم‭ ‬لكن‭ ‬بطريقة‭ ‬انتقامية‭ ‬متطرفة‭ ‬ألحقت‭ ‬الأذى‭ ‬بالبشرية‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬زعيم‭ ‬النازية‭ ‬هتلر‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يفجّر‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وبعدها‭.‬

التحول‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الانتكاس‭ ‬والبدايات‭ ‬الضعيفة‭ ‬الى‭ ‬طريق‭ ‬النجاح‭ ‬والعمل‭ ‬الإيجابي‭ ‬المثمر‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬الراسخة‭ ‬لتوصيف‭ ‬النجاحات‭ ‬ومراقبتها،‭ ‬الا‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬السياسيين‭ ‬الذي‭ ‬يتصدرون‭ ‬المشهد‭ ‬العراقي‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬سنة،‭ ‬فقد‭ ‬عدّوا‭ ‬انفسهم‭ ‬منذ‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬ومع‭ ‬ساعة‭ ‬احتلال‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬القصر‭ ‬الجمهوري‭ ‬للنظام‭ ‬السابق‭ ‬انّهم‭ ‬رجال‭ ‬دولة‭ ‬وصادروا‭ ‬كل‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنادي‭ ‬بإعطاء‭ ‬فرصة‭ ‬لتجلي‭ ‬القدرات‭ ‬العراقية‭ ‬الكامنة‭ ‬والتي‭ ‬تآمر‭ ‬عليها‭ ‬حصار‭ ‬دولي‭ ‬وحاكم‭ ‬قمعي،‭ ‬بدلَ‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬تسليم‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬بالتمام‭ ‬الى‭ ‬مَن‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أشخاصا‭ ‬كاملين‭ ‬مستوفين‭ ‬لشروط‭ ‬القيادة‭ ‬والأداء‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والعمل‭ ‬الإداري،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬تاريخهم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مهاترات‭ ‬داخل‭ ‬أحزاب‭ ‬ضيقة‭ ‬التمثيل‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬مضافات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬عامرة‭ ‬بالرعاية‭ ‬والدلال‭.‬

العراقيون‭ ‬لا‭ ‬يحتاجون‭ ‬الى‭ ‬منح‭ ‬السيئين‭ ‬جوائز‭ ‬رمزية‭ ‬لكي‭ ‬يُعرّفوا‭ ‬الناسَ‭ ‬بهم‭ ‬،‭ ‬ذلك‭ ‬انَّ‭ ‬السيء‭ ‬كان‭ ‬طاغياً‭ ‬وطاغية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يترك‭ ‬مجالا‭ ‬للناس‭ ‬لكي‭ ‬تتجاهله‭ ‬أو‭ ‬تجهله‭.‬

الفارق‭ ‬الأساس‭ ‬بين‭ ‬ممثلين‭ ‬فاشلين‭ ‬نالوا‭ ‬الجائزة‭ ‬الأسوأ‭ ‬وبين‭ ‬الخليط‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬المصطنع،‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬أفاد‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬الفشل‭ ‬ففتحت‭ ‬له‭ ‬طريق‭ ‬النجاح،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انَّ‭ ‬آخرين‭ ‬ضلّوا‭ ‬وظلّوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬أوهام‭ ‬عميقة،‭ ‬ربّما‭ ‬لن‭ ‬يفيقوا‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬بصعقة‭ ‬قوية

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *