منذ أربعة وعشرين عاماً، فرضت تركيا ضريبة صغيرة لكنها تشكل ثقلاً مالياً متراكماً عند استخدام محصلتها من قبل الدولة، سميت بضريبة الزلازل، وذلك بعد
زلزال 1999 الذي دمّر مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة وأخرى صناعية في شمال غرب تركيا وهدد معظم اسطنبول وخلّف 17400 قتيل وآلاف الجرحى.”.
وتقوم فكرة تلك الضريبة على الاستثمار في صندوق مركزي للدولة قدرت مداخيله اليوم بنحو 88 مليار ليرة تركية أو ما يقرب من 4,6 مليارات دولار، وهي مخصصة للتوظيف في مشاريع وتصاميم الوقاية من الكوارث وتطوير خدمات الطوارئ.
وجرى في السنوات العشرين الأخيرة هدم آلاف العمارات السكنية والتجارية القديمة في المناطق عالية الاحتمال في التعرض للزلازل، وجرى بناء عمارات بديلة تراعي خصائص العمارة المقاومة للزلازل، وذلك من خلال الإفادة من التجربة اليابانية في هذا المجال، كما لا تمنح اجازات البناء إلا متضمنة شرط التحصين ضد الهزّات الأرضية. هناك افادة سريعة من كوارث سابقة في رسم خط مسار خدمات الطوارئ والإنقاذ، لاسيما انّ اغلبية الأبنية عمودية وكثيفة السكان.
بالتأكيد، إنّ تلك الضريبة لا توفر النصاب الكامل للخدمة المرجوة، ولا تبدو حتى اليوم انها مثالية في الاستعداد للكوارث الطبيعية، لكنها تلبي الحدود المعقولة أحياناً أو الدنيا، وتبقى بحاجة الى دعم الدولة من القطاعات المختلفة كافة. ولعل هذه الكارثة الزلزالية الجديدة التي ضربت تركيا وسوريا، تدفع الى التفكير بجدية اعلى لاستحدث تشريعات تدعم توفير خدمات طوارئ أسرع في الوصول الى المناطق المنكوبة.
في ضوء الحاجة الاستباقية للتحديث المستمر لخدمات الدفاع المدني والطوارئ، تناولنا هنا أمس حاجة العراق الى حملة كبيرة من الاستعدادات ذات التنظيم المؤسسي المدعوم بتشريعات وموازنة، كون البلد واقعاً بين بلدين كثيرَي الهزات الأرضية هما تركيا وايران، وأضيفت لهما سوريا هذه المرة. ومسألة الكوارث لا تقتصر على الزلازل، ذلك انّ الفيضانات والسيول الجارفة لا تزال تشكل تهديداً جدياً في كثير من المدن العراقية في مواسم معينة، فضلا عن كارثة الجفاف العالمية التي تتسع تدريجياً، ولا تقدر جميع الجهات خطورتها.
هنا لا أدعو الى فرض ضريبة جديدة على العراقيين المتعبين أصلاً، لكن من الممكن ان يؤدي الأثرياء والمستثمرون المحليون والأجانب وأصحاب المشاريع الكبيرة وتجّار بناء العقارات ضريبة معقولة القيمة، مستحدثة للاستثمار في الاستعداد لمواجهة الكوارث