يعيش العراق ،ومنذ أكثر من عشرين سنة ،وضعاً سياسياً هشاً،تسوده الصراعات السياسية، التي أوجدها نظام المحاصصة الطائفية، الذي فرضه الحاكم المدني سيء الصيت بول بريمرعلى النظام السياسي، لما بعد غزو العراق وإحتلاله،وبسبب هذا النظام المقيت، حدثت الحرب الاهلية الطائفية عام 2006 و2007 ، وذهب ضحيته الآف الأبرياء،وظلّ النظام السياسي الطائفي ،يدور في حلقة الحرب الطائفية سياسياً وإجتماعيا ً الى يومنا هذا،والعراق يخرج من فشل ليدخل بفشل آخر،ومن نفق مظلم الى نفق أظلم منه،آخرها دخول300 من عناصر وفلول تنظيم تنظيم دااعش بوحشيته المفرطة،الى مدن غرب العراق، بتواطؤ حكومي واضح ، سببه إنسحاب الجيش والشرطة من الموصل ،بأمرمن أعلى قيادة عسكرية وهو القائد العام للقوات المسلحة،وتركها مخازن السلاح والدبابات وحتى طائرة عسكرية وحيدة في مطار الموصل،تاركة أهلها لمصيرها المحتوم ، والذين دفعوا ثمنه بيوم واحد(2070) شهيد أعدمهم داعش ،في وضح النهار بسبب بين منتسب وشرطي ومرشح انتخابي ورافض لهم، وأكثر من (10000) الآف آخر ألقتهم داعش في حفرة تسمى(الخفسة)،ومازالت جثثهم في اعماق الحفرة،ناهيك عن اربعين الف شهيد من العوائل الهاربة اثناء التحرير،هذه الاحداث الجسيمة التي هزّت بنية المجتمع العراقي، وقسمّته الى دكاكين طائفية وأحزاب طائفية، غذاؤها الشحن الطائفي بأبشع صوره، ولّد هجرة وتهجيراً ،لكافة طوائف المجتمع العراقي من بغداد والمحافظات، وفرغّت المدن ،من الطوائف والمذاهب بسببها، وفي مقدمتها بغداد والمدن الغربية ،ونزحت وهاجرت وهجّرت الملايين الى خارج العراق والمخيمات ومازالوا،وظل الشارع العراقي يفتك به السلاح المنفلت ،والخارج عن القانون، والتابع للاحزاب وميليشياته،وظهرت أبشع ظاهرة في محافظات جنوب العراق ،هي الدكة العشائرية،باستخدامها لكافة انواع السلاح وحتى الهاونات والاربيجي 7وغيرها،وهو اول سلاح خارج عن القانون، واغلبه ينتمي عناصره وشيوخه للميليشيات والاحزاب المتنفذة هناك.
امن دولي
وهكذا فقدت السلطة (قوتها وهيبتها)، أمام سلطة القوة، وصار من يتحكّم بالسلطة هو السلاح الخارج عن القانون، أي سلاح اللادولة ،مسيطراً على سلاح الدولة، وصارت الدولة تحتمي به، وتخشاه، ونتذكر واقعة الدورة،والقاء القبض على فاعليها من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهجوم السلاح المنفلت بالصواريخ ،على بيت الكاظمي وجرحه، والدوّس على صورته وتهديده(بقطع أذنه)،هذه صورة واحدة لسلطة القوة التي مازال العراق يعيش سطوتها،أما قوة السلطة فهي غائبة لأجل غير مسمى،اليوم العراق يعيش تهديداً صهيونياً خطيراً، وصل دخانه الى قاعة مجلس الامن الدولي، وسبب هذا التهديد هو قيام فصائل عراقية ولائية ،بقصف يومي لمدن اسرائيل،وهذه الفصائل لاترتبط بقرار حكومة السوداني ولا تخضع لسلطته، وإنما تأخذ اوامرها من خارج العراق ومرجعيتها الدينية،بما تسميها المقاومة الاسلامية ووحدة الساحات،وبالرغم من أن المرشد الايراني اعلن هووبعض قادة ايران ،أن فصائل المقاومة الاسلامية في لبنان والعراق واليمن، لاتخضع لأوامر طهران،وليست مسؤولة عنها إيران، فإن جميع محاولات أمريكا وضغطها على السوداني ،في وقف قصف مدن إسرائيل قد فشلت،وحتى محاولة الإطار التنسيقي وبعض زعما~ه أيضا ،فشلوا في الضغط على الفصائل،وإيقاف قصفها ،ثم تطوّر الأمر الى إتهام طهران بتحويل الصواريخ والمسيرات الى العراق ،للهجوم على اسرائيل، وتم نفي هذا الإتهام من قبل طهران، ولكن ظلت (التهمة ) قائمة، أن صواريخ ومسيرات طهران تنظلق من العراق نحو إسرائيل بفعل الفصائل الولائية،وهكذا وضعت الفصائل السوداني وحكومته والاطار وزعماؤه ،بين مطرقة الفصائل الولائية ،والتهديد الإسرائيلي ،لضربة موجعة للعراق،قد تشمل مقرات الفصائل ومعسكراتهم ومقراتهم واغتيال قادة لهم ،ورغم قيام السوداني بتقديم الضمانات لأمريكا وطمأنتها أن الفصائل لاتستخدم أراضي العراق، منطلقا لقصف اسرائيل ، فإن ادارة الرئيس بايدن أبلغت السوداني ، بأن (كل محاولاتها باءت بالفشل في إقناع اسرائيل بعدم توجيه ضربة للفصائل)، رداً على قصف الفصائل لها،وهكذا تنتصر إرادة سلطة القوة ،على إرادة قوة السلطة، وتضع العراق في دائرة الخطر، وفي فوهة المدفع،وتدخل العراق وشعبه في أتون حرب عالمية ثالثة ،لايمكن التكهن بنتائجها الكارثية على العراق، لاسيما وأن الأوضاع العراقية السياسية، تعيش صراعات داخل الكتل، والاحزاب المتنفذة ، والفوضى تتحكم بالقرار السياسي العراقي والبرلمان، وخطر داعش يتربص بالمدن الغربية ، كورقة تلوّح بها امريكا للحكومة العراقية، إضافة الى تدخلات دول الجوار العراقي السلبية بشؤونه وقراره السياسي، وتحتل أراضيه،وهو فاقد السيطرة على سنجار وغير سنجار ،من قبل ميليشيات البككا وغيرها،نعم الوضع السياسي الهش جداً، والصراعات السياسية من اجل السلطة والنفوذ والمكاسب، والفساد التأريخي الغير مسبوق ،في كل تأريخ العالم، في أعلى الهرم الحكومي نزولاً،من(فضائح التنصت والتسريبات وسرقة القرن لنور زهير وجماعته))،وغيرها في عموم مفاصل السلطة ، جعلت كل هذه الظواهر من العراق ، لقمة سائغة للدول الاقليمية والدولية في نهبها والتحكم فيها، وابقاء العراق في نفق طويل مظلم وضعيف الى وقت طويل جدا.
حرب غزة
هذا كله وللفوضى التي تعم المنطقة وتنمر السلاح المنفلت في المنطقة والعراق،قد يسرع الى تعرض الشرق الاوسط كله الىتغيير جيوسياسي حتمي وقريب جداً، وماحصل في حرب غزة ويحصل في لبنان لحزب الله هو مقدمة لهذا التغيير الحتمي ، ونتيجة من نتائجه الكارثية، فتوسعة الحرب صارت أمراً مفروغاً منه ،وبل وضرورة لدى إسرائيل وأمريكا ،لاستغلال الوقت لتوسيع النفوذ من اجل المصالح الإستراتيجية العظمى، يتزامن هذا مع مجيء أشرس رئيس للولايات المتحدة الامريكية وهو الرئيس دونالد ترمب، الذي سيدخل البيت الابيض في منتصف السنة الجديدة، ويحمل سيناريوهات عديدة للمنطقة والعالم ، وسينهي (حسب زعمه)،الفوضى الخلاقة لصالحه في المنطقة،ويعزز النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط،مستغلاً الأوضاع المنفلتةة ،والحرب في غزة ولبنان ،وتنامي قوة الفصائل الولائية في سوريا واليمن والعراق ولبنان ،وقوة المقاومة في مواجهة اسرائيل وإذلالها ، وعدم تحقيق أهدافها في التوسع وتحقيق نصر وهمي لها داخل الضاحية ،بسبب صمود مقاوميها من حزب الله، رغم فقدانه قادته وقيادته العسكريين، وتدمير مدنه عن بكرة أبيها، لكن يبقى الصمود ومسك الأرض هو ومقاومة حماس، بوجه الصهاينة من وجهة النظر العسكرية ، لا السياسية ، فهذا مايقلق أمريكا واسرائيل لذلك تستخدم الارض المحروقة والاغتيالات لقادة الميدان ،أعتقد أن حرب الضاحية الجنوبية على وشك النهاية ، وربما التوصل الى اتفاقية وقف الحرب، بشروط مهينة لحزب الله ، ولكنها شروط المنتصر.
كما حصل في خيمة صفوان ،لتنتقل الحرب الى العراق، بعد فشل أمريكا وحكومة السوداني في إيقاف قصف الفصائل العراقية الولائية لإسرائيل، وتحذير أمريكا من هذا القصف وتحوّل الحرب الى داخل العراق،لهذا ولتجنيب العراق ،حرباً ليس طرفا فيها ولا يوجد تبريرا لها ، ويمكن تلافيها ، وحقن دماء ابنائه،بإقناع الفصائل بالتوقف عن قصف اسرائيل اذا وقعت لبنان اتفاقية وقف الحرب بينها وبين حزب الله، وعندها لامبرر للفصائل بقصف إسرائيل ،ولكني أجزم أن الفصائل لن تخضع لمثل هكذا تهديد، وستواصل القصف وتعرّض العراق لحرب غير محسوبة النتائج، لأنها لا تخضع لأوامر حكومة السوداني والإطار، وإنما تستلم أوامرها من قيادة المقاومة الاسلامية ،التي تقودها من خارج العراق، نعم العراق يخضع لسلطة القوة ولايمارس قوة السلطة في ضبط إيقاع من هو خارج عن السلطة والقانون،وهذا هو سبب ادخال البلاد في دوامات حروب لاتنتهي….!!!!