في القوانين العالمية للحروب ضوابطها ، وللدول قوانين عملها على مختلف المستويات في الحروب كان ذلك أم في حالات السلم ، لذلك عندما يتجاوز النظام الشروط في التعامل مع المعارضة داخل البلاد أو في الحروب مع الخصوم والاعداء تتم الإدانة الدولية لكي يتوقف هذا النظام عن تلك المماروسات ، ولكن مانشهده في هذا العصر مخالف قطعياً لكل المواثيق الدولية ، ويتقاطع مع كل المواقف والشعارات ، ولنا في هذا العديد من الدلائل ، فإسرائيل تقتل الأطفال من سن ال ( 14) الى سن السنتين بحجة مقاتلة المقاومة الفلسطينية في غزة ، وفي قاموس إسرائيل أو العتاة الصهاينة الحاكمون أن هؤلاء الصغار يكبرون ويصبحون مقاومة ضد إسرائيل ، وعلى وفق هذه السياسة راح من هؤلاء الأطفال شهداء اكثر من ( 17) الف طفلاً وعمليات القتل مستمرة ناهيك عن الاف النساء .
هذه الممارسات في غزة ماذا يمكن تسميتها ، هل هي ناتجة عن نظام دولة ، أم إنها تعبيرا واضحا عن سياسة ومواقف وممارسات عصابة تقود دولة ، والامر الأكثر مدعاة للتساؤل ، كيف للغرب أو بعض الغرب وامريكا أن تسهل لهذه العصابة تلك الممارسات في السياسة والدعم المالي والعسكري ، ومن ثم تنكر أمام العالم تلك المذابح وتروج لها من إنها ( دفاعاً عن النفس ) وهي الدول ذاتها التي جيشت الجيوش وحشدت اكثر من ( 36) دولة في غزو العراق وأفغانستان وليبيا بحجة الدفاع عن الحريات والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، اليس هذا يساعد ويساهم في الانقلاب على القوانين الدولية التي ساهمت ذات الدول بتشريعها كقوانين ثابتة في الأمم المتحدة .
الصحفيون هدف اسرائيلي
هذا الأمر لا يتوقف على الإبادة في غزة ، وإنما توسع وشمل حتى الصحفيون الذين يرصدون ويكشفون تلك الممارسات الجنونية لقوات الاحتلال ففي غزة وحدها راح ضحية القتل العمد للصحفيين الفلسطينيين ( 188) صحفيا واعلاميا ومصورا بحجة الدفاع عن النفس الذي صار بلسم الترويج الأمريكي للقتل الإسرائيلي ، ولم نلاحظ هناك تجمعا لصحفيي العالم وحتى العرب يكشف ويدين تلك الممارسات الإسرائيلية إلا ما ندر ، وكأن ما يجري في فلسطين اصبح قضية فيها وجهة نظر؟.
كل وقائع التاريخ أعطت الكثير من الشواهد ، بأن إسرائيل رغم ما يروج عنها في منطقتنا وفي المنظومات الأوروبية وامريكا من انها دولة ( ديمقراطية ) فهي في الواقع نظام عنصري فاشي تقوده عصابة من اقصى اليمين المتطرف ، ولعل مواقف وتصريحات وزيري المالية والامن والتراث الإسرائيليين اللذين يطالبون بالقضاء على الفلسطينيين واحتلال الضفة الغربية والاستيطان في غزة باعتبارهما جزء من ( يهودا والسامرة ) حسبما تروي التوراة المكتوبة يجسد المنهج العقائدي للحكم في إسرائيل .
إسرائيل ليست دولة بمفهوم الدول العصرية ، ولا هي كيان سياسي يمكن التفاهم معه والوصول الى اتفاق سلام ، فكم من الاتفاقات خرقتها إسرائيل وتراجعت عنها ، وكم عدد الحروب التي خاضتها ضد الفلسطينيين والعرب المجاورين ، حتى رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق عندما اتفق مع الشهيد ياسر عرفات على اتفاق سلام ينهي الصراع على قاعدة الدولتين تم اغتياله ولغاء كل تلك الاتفاقيات بما فيها اتفاق أوسلو الذي اعترفت بموجبه في التسعينات منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل رفضته ورفضت حق الفلسطينيين في الدولة ، إذن كيف يمكن التعامل مع هكذا الكيان ، وهل البدائل غير المقاطعة وتشديد الكفاح المسلح تجدي لا نعتقد ذلك ، فطوفان الأقصى في ال ( 7) من أكتوبر عام 2023هو الرد الطبيعي والحتمي لحصار غزة وقتل أبناء القطاع ، وهو المرجعية لكل الاحرار المدافعين عن اوطانهم والساعين للحرية والاستقلال .
وفي لبنان كما في غزة لم تواجه إسرائيل المقاومين في ساحات النزال وإنما كعادتها تطغي في قتل المدنيين وتهديم البيوت واغتيال الإعلاميين ، ورغم حشد اكثر من ( 7) فرق عسكرية بما تمتلكه من أسلحة حديثة وطيران وأجهزة مخابرات فأن القتال لا يخرج عن نطاق الثلاث كيلومترات على الحدود منذ ( 45) يوماً ، وهذا يؤشر الى إن المقاومة ، والمقاومة وحدها هي التي تفرض السلام ، وتلك غزة اكثر من ( 400) يوم وهي محاصرة ، لكنها صامدة وتقاتل وتكبد العدو الإسرائيلي خسائر مهمة بالأفراد والأسلحة .