اذا كانت البرلمانات في الدول العربية تراوح تحت سقف نفوذ السلطة التنفيذية الأكبر من زعامات او حكومات، فإن وجود هذا التشكيل الغريب المسمى البرلمان العربي لن يكون الا زيادة في حالات التزيين الشكلي التي لا ينتج عنها سوى بعض البيانات في الاحداث المتفاقمة، ولعل حصة إسرائيل ستتناقص من الادانات التي تصدر عن البرلمان العربي بعد زحف التطبيع على سردية السياق البرلمان والمزاج السياسي العام لدول عدة.
دول عربية لا تعرف عن الحياة النيابية الحقيقية شيئاً ولا تزاول من طقوسها وتقاليدها إلا ما هو في الحد الأقل من الأدنى، ومع ذلك نراها تتصدر المشهد البرلماني العربي وتتنافس على خطف الوهج الكاذب، و يقال ان دورة خامسة من ذلك المشهد تنعقد في القاهرة، من دون أن يتم الحديث عن حصيلة دورته الرابعة السابقة ومصارحة الشعوب بما يسمونه» منجزات»، وكيف طواها الزمن من دون ان يشعر بها المواطن العربي الذي يتغطى هؤلاء العرب باسمه في مراسيم “برلمانهم”.
لقد آن الأوان أن تقف الدول العربية الصاحية منها خاصة، بجدية إزاء هذه السياقات الثانوية والعاطلة التي تتخذ من العنوان العربي لبوساً لها من دون أي تأثير في مجتمعاتها او في العلاقة مع الأوساط السياسية والنخبوية لدى الأمم الأخرى.
ماذا صنع البرلمان العربي امام الأوساط الاوربية في تغيير الصورة السيئة التي رسخت في اذهان ملايين الاوربيين عن العرب والإسلام؟ وما هو العمل الاستراتيجي الذي تحركت من خلاله لجان هذا الكيان المصطنع في الاتصال بمراكز الجاليات العربية في دول أوربية يشكل العرب فيها نسباً كبيرة وتمركزات ظاهرة من اجل الوقوف معهم.
إنَّ أيّ نشاط تعريفي تقول به جمعية من الجاليات العربية في العالم هو أكثر تأثيراً من اجتماعات البرلمان العربي الذي تزداد مقاعده ثراءاً وفخامة، ويقضي أعضاء الدورات البرلمانية أجمل أيامهم ولياليهم في أجنحة فنادق الدرجة الأولى في رحاب انعقاد أية دورة برلمانية عربية.والدورة الجديدة تنعقد في حين ان عشرات الألوف من السوريين لا يزالون مدفونين تحت انقاض الزلزال العظيم.
هذا البرلمان العربي، لم يرقَ الى تمثيل البرلمانات الفرعية للدول العربية على بؤس معظمها ، وهو اقرب الى صوت الأنظمة التي تحكم ولا يخرج عن رؤاها، بل انه ينعقد وهو مُغذى بتلك الرؤى التي لم تقدم أمراً ضرورياً ولم تؤخر ما هو غير ضروري، حين مرت نفس الامور في اجتماعات القمم العربية فما عسى أن يكون مصيرها في ايدي هذا الكيان الشكلي.