يتميز الغناء العراقي الريفي بالنحيب والشجن الحزين منذ أمد بعيد ويبدو أن واحداً من أسباب هذه النبرة والصفة الحزينة التي لازمت أغاني مجتمعاتنا الريفية الأصيلة عبر الزمن يعود الى المأسآة المستمرة التي مر بها هذا الشعب منذ الهجمة المغولية ليومنا هذا .. فقد عانت مجتمعاتنا من ويلات الحروب والأمراض الفتاكة وظلم الحكام على مدى القرون الماضية حتى امتزج الخوف مع سلوك وطبائع الأجيال وصارت شخصية الإنسان في ارض وادي الرافدين خائفة مرتعبة على الدوام تريد الخلاص من آلامها وأحزانها الأزلية والخروج إلى الحرية تارة ونسف التقاليد القديمة تارةً أخرى .. إننا نتأمل ونرجو من الأجيال القادمة ان تعيد النظر في الألحان الموسيقية وتجدد نمطها الكلاسيكي الحزين بالحان محدثة تعكس الواقع الحقيقي للمجتمع المعاصر المتطور كما يبدل الناس أغراضهم المنزلية القديمة بالجديد فالأجيال الحديثة صارت لاتتقبل أسلوب بعض المقامات العراقية الجافة المخشبة أو اللحن الحزين القادم من أوجاع الماضي ، أن الموسيقى فن جميل يعكس ثقافة الشعوب وتطور اساليبها عبر الزمن فليس من المعقول أن نعيد ونصقل نفس النمط الغنائي المتوارث ونبقى نردد إلى الأبد أغاني يوسف عمر و سليمة مراد وصديقة الملاية وداخل حسن (دللول يالولد يبني).