انتشرت في الآونة الأخيرة، ظاهرة قتل الفتيات بداعي “غسل العار” في العديد من المحافظات العراقية، فيما تمنح القوانين عقوبات مخففة لمرتكبي الجريمة في “مخالفة” للشريعة الإسلامية، ما “يشجّع” على إستشرائها في البلاد.
ولا يزال الجدال قائما بشأن “جرائم الشرف” أو ما تسمى بجرائم “غسل العار”، فهناك من يراها بأنها عملية “تنظيف” للمجتمع، وآخرون يرون بأنها أصبحت وسيلة لتصفية حسابات داخل الأسرة، إذ يؤكد متخصصون أن معظم هذه الجرائم لا يتم الإبلاغ عليها بصفة جرائم قتل، إنما حالات انتحار.او انهم أشخاص لم يصونوا عهود الشرف، وآخرون يرون بأنها جرائم مدعومة من قبل القانون العراقي حسب المادة (409) من قانون العقوبات التي لا تتجاوز الثلاث سنوات لمرتكبيها.أن “غسل العار يعود إلى التنشئة الاجتماعية وتربية الأسرة (العادات والتقاليد والنظام السائد داخل الأسرة)، فعند الاهتمام بالأبناء – الذكور والإناث – وتربيتهم على نظام معين، فإنهم سوف ينشئون عليه، فضلا عن تعزيز الخير والشر والحق والباطل والصح والخطأ وتقوية القيم الخُلقية لديهم، عندها ستقل مشكلات الأبناء بعد كبرهم بشكل كبير”.عدم إشباع حاجات الأبناء يولّد الكثير من المشكلات، منها الانحراف والاعتداء وغيرها من السلوكيات الخاطئة، وكذلك لا يقتصر الأمر على نقص الحاجات، وإنما يمتد أيضا إلى العلاقات الأسرية المتشنّجة، فهناك الكثير من الحالات ناتجة عن سوء التعامل مع الأبناء، ما يدفع الفتاة إلى تكوين علاقات عاطفية للهروب من أسرتها والواقع الذي تعيشه داخلها”. وتضيف المختصة، “وفي حال حصل خلل سلوكي عند الأبناء يجب عدم التسرّع في أخذ القرار، بل يكون هناك تعقُل ولجوء إلى المنطق وفهم الواقع وتحري الحادثة قبل إصدار أي حكم”.وبحسب إحصاءات منظمات غير حكومية، سجل العراق في عام 2021 نحو 72 حالة قتل بحق نساء، وجدت جثث بعضهن ملقاة في الشارع، فيما يعتقد أن جزءا منها مرتبط بجرائم الشرف.
اعطاء ثقة
وأغلب جرائم “الشرف” التي ارتُكبت كانت قائمة على الشك
ضرورة “إعطاء الفتاة الثقة داخل البيت ومصادقتها والتحدث معها عن مشكلاتها لتكوين علاقة وطيدة داخل الأسرة، فضلا عن مراقبة صديقاتها وتحذيرها من رفيقات السوء، وأن تكون هناك متابعة لتجنب وقوع المشكلات التي لن تنتهي بقتل الفتاة، كون هناك تبعات قانونية تنتظر الجاني”.
قانون يخالف الشريعة!
تمنح القوانين في معظم الدول العربية عقوبات مخففة لمرتكب الجريمة الذي أقدم عليها “بثورة غضب شديد”، ولا تتعدى العقوبة سنوات قليلة أو أشهر فقط من السجن. وفي العراق، عزز الفكر الذكوري السائد وسيطرة الفكر العشائري والديني على المجتمع مناخا محفزا وداعما لمرتكبي تلك الجرائم، خصوصا مع وجود المادة 409 في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والتي تحدد عقوبة الحبس لمرتكب جريمة القتل بدافع الشرف، بمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات: “من فاجأ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا، أو وجودها في فراش واحد مع شريكها، فقتلهما في الحال، أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما، اعتداءً أفضى إلى الموت أو عاهة مستديمة”. من نص القانون سنلاحظ أنّ الحكم المخفف يحق للرجل فقط دون المرأة، إن هي فاجأت زوجها وهو يرتكب الزنا فقتلته، فتكون عقوبتها إن قتلت زوجها إما الإعدام أو السجن المؤبد، حسب المادة المتعلقة بجرائم القتل في قانون العقوبات ذاته.
فليس هناك جريمة “شرف” ترتكب بحق رجل، إلا إن كان الجاني، حسب المادة المذكورة أعلاه. جريمة غسل العار والتي تتيح أن تقتل المرأة وفق المادة 409 من قانون العقوبات إذا فاجأها أحد محارمهما في حالة الزنا، وتكون العقوبة مخففة بل وحتى إيقاف التنفيذ (أي البراءة المشروطة)، في حال كان العكس، بأن تُفاجئ المرأة زوجها وتقتله، فإنها – في هذه الحالة – تُساءل وفق جريمة القتل العمد المادة 406 من العقوبات، وقد تُعدم، لهذا نرى أن هذا النص يُخالف الشريعة، وبالإمكان الطعن فيه أمام المحكمة الاتحادية لأنه يخالف المادة 2 من الدستور التي تشترط أن لاتخالف النصوص القانونية الشريعة الاسلامية”.
أن الكثير من جرائم القتل العمد أو غسل العار أو الثأر، يتم استبدال وصفها القانوني من المادة 406 القتل العمد إلى المادة 409 غسل العار أو 411 القتل الخطأ، لأن ذوي المجني عليه يطبقون المقولة: (الحي أولى من الميت)، وحتى لو كان المحقق أو القاضي يعلم بأحداث الجريمة، إلا أنه لا يحكم بعلمه الشخصي، بل بالأدلة المتوفرة، وهذه الأدلة تكون دائما باتجاه المتهم لتخليصه”.
كثيراً من هذه الجرائم تموت حقائقها وتدفن مع …