الحروب العسكرية أصبحت تاريخاً، حروب اليوم بالعملات الورقية. دول كثيرة تحاول الإطاحة بالدولار الأمريكي، بخَفضِ قيمة عملاتها المحلية لتحفيز اقتصادها بزيادة التصدير وخفض الاستيراد، وإجبار المواطنين على المنتجات المحلية، ويعني خزيناً أكبر من الذهب والعملات الصعبة.
الدولار يعاني عجزاً في الحساب الجاري الأمريكي، وفائضاً في دول أخرى كالصين واليابان والبرازيل والعراق. لكن العراق يختلف بعدم تجاوز معدلات النمو في ناتجهِ المحلي الإجمالي الواحد بالمئة، ونسبة البطالة عالية ونسبة الفقر ستين بالمئة! وتكاد تنعدم الصناعة والزراعة، ويستورد كلَّ شيء من عود الثقاب إلى وقود السيارات والغاز السائل الذي يحرق منه آلاف الأطنان يومياً. علي محسن إسماعيل العلاق، الهادئ المتواضع الوقور، المبتعد عن الأضواء. مفتش عام وزارة النفط 2004- 2006. أمين عام مجلس الوزراء 2006- 2014 محافظ البنك المركزي 2014- 2020 تعهَّد في 23 كانون الثاني 2023 بسقف زمني لإعادة الدينار إلى وضعه الطبيعي. التزاماً بالمادة (3) قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004) الهدف الرئيسي للبنك المركزي العراقي هو السعي لاستقرار السعر المحلي وتعزيز نظام مالي مستقر تنافسي ويستند الى السوق. ويقوم بتعزيز النمو المستديم والعمالة والرخاء في العراق). والاستناد إلى السوق، خطوات تمنع ارتفاع قيمة الدينار العراقي، كاليابان بعد الزلزال الكبير 11 آذار 2011 والبرازيل وسويسرا في أيلول 2011 أو انخفاض قيمته بما يثقل كاهل الفقراء كالعراق نهاية 2022. حاول البعض تمرير فقرة تُحدِّد سعر الدولار 1330 دينار، ضرباً لاستقلالية البنك المركزي، وتغافلاً لإبطال المحكمة الاتحادية المادة 50 من قانون الموازنة لسنة 2015 لأنها حدَّدت سعر الدولار بما يتنافى مع قواعد حرب العملات.
سعر رسمي
العلاق فَتَح عِدَّة منافذ لبيع الدولار مقابل السعر الرسمي 1350 دينار، هبطَ الدولار إلى ألف وخمسمئة دينار، وفق قاعدة الدولار لمن يحتاجه. وقفاً لنزيف العملة وأزمة الدولار التي تفاقمت نهاية 2022 بصعودهِ إلى 1660 كحدٍّ أعلى في الجنوب، و1800 دينار في مدنٍ حدودية أخرى!
بعض التجار يرفضون تخفيض الأسعار، بحجة أنَّهم قد اشتروا بضاعتهم حين كان الدولار مرتفعاً! والأسعار لن تهبطَ، لوجود حالات مماثلة في تاريخ العراق الاقتصادي!
ركود الاقتصاد العراقي بسبب سيولة الدولار في المصارف الحكومية والخاصة ورفض الكثير بيع الدولار بسعرٍ منخفض، ليس بأخطر من التضخم الجامح 1990- 2003 جرَّاء تعويم الدينار مقابل الدولار.
ربما ينتفع العراق من انخفاض قيمة ديناره، بخَفضِ ديون طهران وتركيا والسعودية وجميع الدول التي يعتمد العراق منتجاتها في تفاصيل حياته اليومية! لكن ربما يقع العراق في فخ السيولة Liquidity trap بزيادة الطلب النقدي الشديد على الدينار والدولار معا. والعلاقة بين سعر الصرف والمستوى العام للأسعار. وينتفعُ بخفض المرتبات بمعدل الربع تقريباً، مرتبات سبعة ملايين عراقي يتقاضون مرتباتهم من الدولة، وبدلاً من أنْ تدفع وزارة المالية أربعين مليار دولار شهرياً، ربما تدفع ثلاثين! وبين السبعة ملايين، ربما مليون موظَّف، مع استمرار التعيينات دون حاجة فعلية أو عوائد مالية تنفع البلاد. وبينما تعاني المؤسسات الخدمية نقصاً شديداً بالموظفين، مؤسسات أخرى تعاني تضخُّماً كبيراً في أعداد الموظفين، وهو ما يحدث داخل كل وزارة ومديرية، تعاني الأقسام الخدمية المرتبطة بحياة المواطنين نقصاً كبيراً يؤدي إلى فساد كبير، والأقسام الإدارية التي يكفيها عشرة موظفين، تكتظُّ بمئةٍ منهم إلى درجة العمل بالمناوبة، يوم عمل وثلاثة أيام استراحة! والكثير من السادة أعضاء مجلس النواب لا همَّ لهم، غير نقل أقربائهم وأصدقائهم ومعارفهم إلى هذه الأقسام السياحية!