من حتمية البيئة والجمع الادبي ترعرع الدكتور جمال العتابي يتأتأ ما يسمعه من معلمه الاول َوالده رحمه الله يتهجئ الكلمات ويرددها مثل نشيد.. يلفه العجب يسأل كنجيب محفوظ في روايته اللص والكلاب : (كيف ينظر الاوغاد في المرآة كل ساعة، اني انظر في المرآة كل يوم مخافة ان يكون قد اسود وجهي) هكذا يخاطب العتابي نفسه في كل مراحل حياته مذ ابصر النور في ناحية الغازية وقبل ان تطأ ارجل العديد من مجايليه ارض المدن . هاجر ليوثق بعد سنين في كتابه (داخل المكان؛ المدن روح ومعنى) فتوثيق المدن كروح ومعنى كما يقول العتابي جنس لم يأخذ حيزه الكامل في ثقافتنا والذاكرة العراقية لتعمق عموديا وافقيا وغالبا ما تكون الذاكرة البصرية لا تكفي في استعادة جمال المكان دون تناول العنصر الذي يجب ان لا تشغر فيه وهو الانسان الذي يعطي للمكان هويته).

اذا شأت معرفة المعلومة التاريخية او الحاضرة فهرول الى العتابي يسمعك لحنا بمزماره السومري وقيثارته البابلية ومثل ابن سينا يضحكك ويبكيك حتى تغفو على انغام مفرداته التي لا اعرف من اين يستقيها! ففي خزائنه الكثير الكثير. يكفيك زادا ان تقرأ وكأنك تتجول في داخل الامكنة التي يرسمها العتابي بقلمه، وان شأت ان تقرأ نقدا فقرأ كتابه النقدي والبعيد عن الحذلقة (افق مفتوح) وهذا الكتاب يغنيك عن قراءة روايات وقصص لكتاب عراقيين عن سيرتهم وشخصياتهم الفنية والادبية ، يصور بقلمه تاريخ الاماكن واحداثها وشخوصها وكيف اثرت فيهم ، فعبق المكان وساكنيه يرسخون مفاهيم واساليب مايدور خلف رتاجات بيوتها وابواب مقاهيها ودورها السياسي والاجتماعي والاخلاقي معبرا عن التحولات التي مرت بها المدن كذلك مقالاته في الجرائد والمواقع الاجتماعية حين يضع اصبعه على جروح كثيرة يحاول ان يحدد دوافع ما حدث واستقراء ما سيحدث ومن سيرته الذاتية نقرأ :

مواليد 1946- العراق ،عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق،عضو نقابة الصحفيين العراقيين،عضو جمعية الخطاطين العراقيين،كتب في النقد التشكيلي والسردي، والمكان، والسير الشخصية لرموز الابداع والثقافة، وله قراءات عديدة في تاريخ العراق المعاصر، والاحداث المفصلية فيه، كما كتب نصوصاً قليلة في القصة القصيرة. صدرت له الكتب التالية). مدن الضفاف العراقية، كلمات متقاربة المدى،أفق مفتوح- في النقد الروائي، داخل المكان- المدن روح ومعنى،المثول أمام الجمال- قراءات تشكيلية).يصدر له قريباً(العطراني. رواية، الفنان خالد الجادر ومباهج الطبيعة)،كما نشر في الصحف والمجلات العشرات من الدراسات والمقالات ،عمل في الصحافة مصمماً وخطاطاً منذ نهاية ستينات القرن الماضي ، وكانت البداية الاولى مع انطلاقة مشروع صحافة الطفل في العراق المتمثل بمجلة ( مجلتي )،شغل منصب المدير العام لعدد من الدوائر في وزارة الثقافة العراقية، منها دار ثقافة الاطفال ، ودار المأمون للترجمة، ودائرة العلاقات الثقافية واختتم حياته الوظيفية في دائرة الفنون التشكيلية، متقاعد عن الوظيفة منذ عام 2014 . شارك في العديد من المؤتمرات وورش العمل والندوات الثقافية والفنية، وكان عضواً في اللجان المنظمة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *