ما يزال المجتمع الدولي ومراكزه بحوثه وهيئاته السياسية، صامتان أزاء أحداث ضرب العراق عام 1991 من قبل الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية وتدمير بناه التحتية بحجة تحرير الكويت والتي استكملتها في غزوها له عام 2003 بدعوى امتلاكه لاسلحة دمار شامل وبالتالي تهديده لجيرانه وبفرض أقسى حصار وعقوبات اقتصادية شهدها التاريخ ضد شعب العراق الذي تكبد جرائها خسائر وجودية.
وكشف كتاب الاسبوع الماضي من تأليف المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك ان كوندليزا رايس مستشارة الامن القومي ابلغته ان قرار شن الحرب الامريكية لن يوقفه سوى رحيل صدام حسين ، ولم تذكر اسبابا اخرى .
ولم يمض كثير من الوقت حتى تيقن العالم جميعه بعدم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وبالتالي بطلان الدعوات وما كلفته من أرواح لعشرات ومئات الآلاف من الضحايا ناهيك عن الخسائر المادية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
بيد أن الضمير العالمي لا ينبغي أن يطول سباته، وسيأتي اليوم الذي يعثر المنصفون على الصندوق الأسود للطائرة التي غزت العراق” وتنكشف أسرار الدهاليز التي حيكت فيها مؤامرة احتلاله وتحطيم بنيته التحتية وفي مقدمتها البشرية في كرامتها وقدراتها وتفتيت الشعب في خنادق متناحرة.
ولسنا في معرض العودة الى ممهدات تلك الحرب والظروف التي ساعدت على انضاجها، لأن الأمر سيطول ونقع على أسباب وعوامل لا يمكن التعامل معها في تحديد أشخاصها. فالحرب ضد العراق عام 2003 ليست لتلك الأسباب الساذجة في لا ديمقراطية الحكم في العراق أو امتلاكه لاسلحة دمار شامل يهدد بها جيرانه، مع التلميح بالطبع الى جيرانه المباشرين فقط! لقد بدأ التحضير للحرب منذ تأميم عمليات شركات النفط الانجليزية والفرنسية وغيرها عام 1972 وسعي أمريكا على الاستحواذ على ثروات المنطقة. وفق ترتيباتها الجيوسياسية والعسكرية. وهكذا سنقف على أسرار ذلك الصندوق الأسود لطائرة الغزو الأمريكية عندما ينتهي وقودها وتسقط، ونفتح ذلك الصندوق ونرى فيه صور حاخامات السياسة الصهيونية ووثائقهم وما يريدونه من رقمنا الطينية السومرية ومسلتنا الحمورابية البابلية وما يضمرونه ضد وحدتنا العربية وتعاوننا الإسلامي. كما سيقول الصندوق الأسود: من أسقط الشاه، ولماذا؟ ومن أتى بخميني، وماذا أرادوا منه؟ وماذا أرادوا ويريدون من الأكراد؟
وربما سيخبرنا الصندوق كذلك عن ما تمنوه من استلام حزب البعث للحكم في العراق عام 1968 وما لم يتحقق من أحلامهم؟
برلين،