سمعتُ قبل أيام من رئيس حكومة عراقية سابق قوله انه كان ضد إعادة وزارة الاعلام كي لا يستولي عليها حزب معين وتنحاز له. وهذا الكلام يستقيم مع واقع الانحيازات في إمالة كفة وزارة أو مؤسسة الى جهة أو حزب أو تيار بحسب الثقل السياسي الممثل فيها، لكن هذا الكلام في الوقت ذاته، لا يستقيم مع شعارات مُعضّدة ببنود دستورية بشأن بناء دولة ذات استقرار مؤسسي. كما انّ العبرة ليست في عدم إطلاق اسم وزارة الاعلام على حقيبة معينة، وانما العبرة في عدم قيام تشكيلات بديلة بذات الدور القديم المركزي الذي كانت وزارة الاعلام تضطلع به مع رتوش تزينية متعددة.
مادام انّ هناك تشكيلات إعلامية تابعة للدولة لها موازنات وكوادر ضخمة العدد فإنّ واقع وزارة الاعلام متحقق عملياً في جسم الدولة، وإلا ماذا يمكن ان يُطلق على تشكيل اعلامي تموّله الدولة، أهو اعلام خاص مثلاً، فَلِمَ هذه الازدواجية التي تصل الى حد الاستخفاف بالعقول؟
المفروض اعتبار جهاز الاعلام جهازاً سيادياً مثل جهاز مكافحة الإرهاب، لا يعرف الانحياز ويكون مستمراً في تدريباته اليومية التي تحسّن اداءه، وأن يتمتع باستقلالية قوية تحصّنه من الفساد وتطهّره من أعداد كبيرة من المتطفلين على مهنة الاعلام والذين لا يجيدون في أحسن الأحوال سوى الحد الأدنى من الظهور على الشاشات أو انتاج المطبوعات أو صياغة الخطاب الرسمي في المحافل الخارجية او الداخلية، ذلك الحد المتدني الذي لا يليق باسم دولة لها تاريخ عريق.
اعرف أنَّ الاعلام الحكومي هو جزء من محاصصة أبدية يقوم عليها الوضع السياسي في البلد، وذلك هو السبب في غياب أي منجز اعلامي مؤثر وله فاعلية عربية أو محلية، بالرغم من الموازنات الضخمة التي صرفتها الدولة العراقية.
لا ندري متى ستولد في العراق حكومة ذات ارادة في تطهير جهاز الاعلام وإعادة تأسيسه المهني بما ينافس الأجهزة الإعلامية الخاصة أو مؤسسات الاعلام العربية التي تحضر بقوة في البلد، وتأخذ حصتها من وقت المشاهد او القارئ العراقي.
إنّني لا أدعو أبداً الى إعادة مسمى وزارة الاعلام، بالرغم من وجود التشكيلات الموازية المستحوذة، ولكن ليس لي او لأحد غيري من المشتغلين منذ عقود بهذه المهنة المُعقدة في كل مكان بالعالم، والسهلة اليسيرة الى حد السذاجة في العراق أن يغلق الخيارات عند التفكير الجدي في اصلاح الاعلام العراقي المموّل من موازنة الدولة