ان الفرق والتمييز بين النمو والتنمية من الناحية التاريخية لم يظهر الا بعد نهاية الخمسينات من القرن العشرين اذ ان الاقتصاديين الغربيين والكثيرين من المعنيين بدراسة التنمية الاقتصادية في ذلك الوقت يستخدمون مصطلح النمو والتنمية وكانه شيئ واحد .. كما لم تجري محاولات جادة في الفصل بين المفهومين الا حديثا حيث اصبح التعريف بين المفهومين واضحا فاختصر مفهوم النمو على التغيرات التلقائية في الناتج القومي بالقيم الحقيقية ضمن سياق المعطى او القائم من المؤسسات في حين ان كلمة تنمية تعني نموا ذا حجم وسرعة كما وانها تعني اجمالي التغيرات المهمة في المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية وكذلك تعني التغيير الهيكلي المخطط . وقد يشير النمو الاقتصادي الى توسع ثابت في قطاع معين وبصورة تدريجية في حين احتاج التنمية الى دفعة قوية لتخرج المجتمع والوضع الاقتصادي من حالة الركود الى حالة التقدم وهذه الدفعة تقف على طرفي نقيض من عملية التطور التدريجي اضافة لذلك ان الظواهر والاشياء حينما تنمو لابد ان تتغير نوعيا وليس كميا فقط خلال عملية النمو ، غير ان القدر المتحقق من التغيير عن طريق النمو التلقائي قد يكون ضئيلا لا يعتد به واقرب ما يكون الى التغيير الكمي منه الى التغيير النوعي . اما التغيير الشامل الذي يحصل في التنمية فهو تغيير كمي ونوعي يتناول الجوانب البنائية والوظيفية والهيكلية في الاقتصاد ، وقد يكون تدخل الدولة خصوصا في في الانظمة الاشتراكية عاملا فاصلا للتفريق بين النمو والتنمية الاقتصادية ، فالزيادة الحاصلة في الدخل القومي في الدول الراسمالية تكون ناتجة عادةً من السير التلقائي للنشاط الاقتصادي دون تدخل من قبل الدولة في حين اثبتت الوقائع ان التنمية في البلدان النامية حاليا لن تتحقق دون تدخل حكومي ، ذلك كونه يشكل عاملا حاسما في تحقيق الرقابة الاقتصادية والاجتماعية لجميع فئات المجتمع دون الاقتصار على فئة معينة وبذلك ندرك حقيقة تقول ان التنمية تشير الى التغيير المتعمد الذي يتم بجهود منظمة حكومية و شعبية لتحقيق التراكم الراسمالي وتطوير الاستثمارات التي يسعى اليها اي بلد من البلدان النامية في حين ينظر الى النمو عملية تلقائية تحدث بشكل تلقائي يفتقد الى التخطيط . فما احوجنا اليوم الى تنمية شاملة في ظل توفر الإمكانات المادية من عائدات البترول اتصل بشكلٍ مخطط وبرعاية الدولة من اجل احداث التنمية الشاملة ويكون بيد الدولة الدور الموجه والمخطط والرقابة على توظيف الاموال و الذي لا يمكن تحقيقه الا بانهاء حالة الفساد وايقاف هذا النزيف من جسم الاقتصاد العراقي .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *