-1-
اذا كان التنمر والتجبر واجتراح عمليات العدوان والايذاء للآخرين سِمةَ المنحدرين الى السفوح بخستهم ونذالتهم واختراقاتهم للخطوط الحمراء فانّ الاحسان – بكل ما ينطوي عليه من معاني الحب والتحنان والرقة والتلهف لتقديم الدعم والمساعدة للآخرين – هو سمة النفس الصافية الودودة التي يمور ماء النبل والمروءة في وجهها .
-2-
وروي عن الرسول الأعظم (ص) أنه قال :
” جُبِلَتْ القلوبُ على حُبّ مَنْ أحسنَ اليها وبُغْضِ مَنْ أساء اليها “
كنز العمال ج 16 ص 115
ان الاحسان يكشف عن حِسٍ انساني يدخلُ مَعَهُ صاحبُهُ القلوب بلا استئذان تماماً على عكس الاساءة التي تعكس أمراضاً نفسية واخلاقية توجب النفور منه .
وقد ألمَّ الشاعر بهذا المعنى فقال :
أحسنْ الى الناسِ تستَعْبْد قلوبَهُمُ
فطالما استعَبد الانسانَ إحسانُ
-3-
وجاء في عهد الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( عليهم السلام ) الى مالك الاشتر – رضوان الله عليه – قوله :
” ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء فان في ذلك تزهيداً لإهل الاحسان في إحسانهم وتدريباً لأهل الاساءة على الاساءة وألْزِم كلاً منهم ما أَلْزَمَ به نفسه “
انّ العدالة المطلوبة لا تعني التعامل على حد واحد مع المحسن والمسيء ذلك أنْ المحسن بادر وبذل واعطى فلابد أنْ يُشكر ويُقدّر ، بينما أمعن المسيء بالاساءة فلابد أنْ يَشعر بالآثار السلبية لاساءته واهمها انصراف القلوب عنه وانكماش النفوس منه .
-4-
ان الاحسان عبادة اجتماعية ، وهو من أهم البوابات لدخول الجنة، فقد تكون رعايتك للايتام والأرامل – وهي من مصاديق الاحسان – سببا لدخولك الجنة .
وقد تمسح على رأس يتيم إشعاراً له بالمحبة وتعويضاً عن حنان الابوة المفقود فتكون مسحتك تلك سببا لدخول الحنة .
وكل خدمة صادقة للدين والشعب والوطن انما هي لون من ألوان الاحسان .
-5-
وهكذا تطرح قضية الاحسان نفسها بين الناس ليكون التنافس في ميدانها وفي هدّ الخير كله في الدنيا والآخرة .
-6-
ومن طريف ما قرأت قول الشاعر يناجي ربه ويطالبه بالاحسان وان كان
من أهل الجفوة :
أيا رب إنْ كنتُ الجديرَ بجفوةٍ
فأنتَ باحسانٍ إليّ جديرُ
وان تَكُ عن شكري غنيّا وطاعتي
فانّي الى الغفران منكَ فقيرُ