وجدت مطبوعات الأطفال منذ عقود صدى واسعاً لدى القراء، واستطاع بعضها أن يشقّ طريقه بثباتٍ، لكن شهد العقد الأخير تراجعاً كبيراً في تلك المطبوعات، على المستوى النوعي والكمي، وعلى المستوى الفني والجمالي.

فمن المعروف أن المطبوعات الخاصة بالأطفال تتميز بمواصفات فنية وأدبية وجمالية وتربوية ونفسية؛ فهي تهدف إلى تحقيق أهداف لتنمية الطفل تربوياً وجمالياً والاهتمام به نفسياً وحقوقياً. ومن هنا جاءت الحاجة لكتَّاب يكتبون للطفل ولكتّاب يكتبون عن الطفل (فهناك فرق بين الكتابة للطفل وعنه)، وهناك فرق بين الكتابة الأدبية للأطفال عن الكبار، فضلاً عن الحاجة للرسامين والفنيين وغيرهم كثير. وبرزت أسماء كثيرة، وقدمت أعمالاً أدبية خالدة في سماء الطفولة، كان للمطبوعات دور في إيصالها للقراء وارشفتها وحفظها. لكن تلك المطبوعات تواجه تحديات وصعوبات وجودية جمَّة، شأنها شأن المطبوعات الورقية كالصحف والمجلات، وقد تؤدي هذه التحديات إلى تلاشي تلك المطبوعات الخاصة بالطفل بالكامل، ويبدو المشهد الثقافي العراقي لا يكاد يجد حلولاً حاسمة لتلك التحديات شأنه شأن الكثير من الملفات.

ومن أبرز الأزمات التي تواجه تلك المطبوعات سواء كانت صادرة من مؤسسات حكومية أو منظمات أهلية أو أفراد :

_ أزمة الأموال المرصودة والمتدفقة بشكل مستمر، فقد تحظى بعض المطبوعات بالدعم المالي لفترة محدودة، ولكن سرعان ما يتوقف ذلك الدعم لأسباب كثيرة؛ فتتوقف معها المطبوعات!

_ عدم إجادة التسويق العالي المستوى وبشكل احترافي، سواء أكان إلكترونيا أم سواه، ممّا يفقد هذه المطبوعات فرصة الوصول إلى عدد أكبر من القراء والمستفيدين منها.

– انخفاض عدد القراء الحقيقيين؛ فلو توفرت الشروط أعلاه؛ فإن هذه المطبوعات تواجه مشكلة تكاد تكون عامة، وهي قلة عدد القراء، وعزوف الأغلبية عن اقتناء كتاب ورقي والاستعاضة عنه ب (pdf) أو المتوفر في شاشات العالم الرقمي.

_ تناقص عدد المحترفين في هذا المجال، وتولي الهواة أو قليلو الخبرة أمر هذه المطبوعات أو الرسوم لهم أو الكتابة عن هذا العالم.

– ظهور وسائل أكثر جذباً للأطفال والفتية من هذه المطبوعات، بل انتشار الكثير من الألعاب التعليمية سواء كانت الإلكترونية أو لا حظيت باهتمام الأطفال.

وبالتأكيد هذه الأسباب لا تعني إيقاف المطبوعات التي أثبتت نجاحها في هذا الشأن بل ورسوخ قدمها في هذا الميدان لكن يتطلب الأمر من المعنيين على هذه المطبوعات إيلاء الأهمية لبعض الأولويات: كالتخطيط التسويقي لتغطية بعض تكاليفها، وتنمية مواهب محبي عالم الطفولة واستقطابها على اعتبار ذلك من مهمات هذه المطبوعات هو الاهتمام بالأطفال وبنشاطاتهم، والعناية بالجوانب الفنية والجمالية في التصميم وبمستوى احترافي لمضاهاة التطور الفني والتقني والابتعاد عن النمطية والتكرار في التصميم والمحتوى، كما ينبغي استقطاب الأقلام الكاتبة عن الطفولة وتحفيزها بالكتابة عن مواضيع ومحاور وبحوث ذات صلة بهذا العالم الجميل مع تقديم الدعم المالي لهم الذي يعدّ من أهم التحديات وأعقدها، فلو توفر الدعم المالي أو خصصت مبالغ لتلك المطبوعات لكان بالإمكان أن توزع تلك المطبوعات على تلاميذ وطلاب المدارس أو رواد المتنبي لتحقيق أهداف تلك المطبوعات، ونعتقد الأمر ليس بتلك الصعوبة لو توفرت الإرادة الحقيقية لذلك.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *