عندما يجب على الوزير ركوب موجة الواقع والانزلاق الى مستنقع النهب الآسن في العراق!
قبل أعوام قليلة حدثني شخص وأنا في زيارة إلى أربيل بأن سوء الأوضاع في العراق لم يعد يحتمل، وأن الموقف السلبي لن يجدي نفعاً. بعد هذه المقدمة المختصرة فاتحني بامكانية الانضمام الى حكومة ظل تتكون من مختصين مخلصين لا يسعون الى الانتقام من أحد وانما الى إعادة بناء العراق على أسس وطنية يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات في ظل نظام سياسي ديمقراطي مدني يحترم كرامة الإنسان ويؤمن بسيادة العراق وبدوره الحضاري. ورغم شكوكي وترددي أعجبني الكلام، وتركنا بعضنا وابقينا الباب مفتوحاً، ولم يحصل بعدها بيننا أي لقاء أو اتصال بخصوص الموضوع. وكم ازددت سعادة بعد ان أثبتت الأيام يوماً بعد آخر بانزلاق هنا وفشل هناك حتى لأولئك الطيبين ممن أراد عمل شيء ما.
بهذا الخصوص هناك ممن عرفتهم أو سمعت عنهم ممن تنوعوا في رغباتهم واستعدادهم لتولي مهام وزارات أو نيابات أو سفارات أو ادارات عامة.
منهم من كان مستعداً ومتحفزاً لانتهاز فرصة “الخمط” حين تسنح الفرصة! ومنهم من هو متردد بين صالح وطالح من النوايا! وثالث بقي يمني النفس بنظافة في عمل وتحمل لمسؤولية وطنية، وما استطاع ولن يستطيع!
ولقد أصبح، للأسف، عرفاً أن يصعب أو حتى يستحيل على “المسؤولين”، أن يحصلوا على مناصبهم دون اشراكهم في لعبة المحاصصة بين الكتل والاحزاب السياسية، وبالتالي استئجارهم لتمويل ما يسمى بالدوائر الاقتصادية، بيوت المال والغلة الخاصة، لتلك الكتل الاحزاب بواسطة عمولات ورشاوى المشاريع الوهمية أو المنفوخة في تكاليفها، ناهيك عن المقدمات المالية الشخصية والعربونات التي يدفعها طالب المنصب والمختلفة حسب تصنيفه ومرتبته، أو دعم كتلته له على سبيل القرض الواجب الإعادة مع فوائد كبيرة! والا كيف ستتمكن تلك الكتل من تمويل حملاتها الانتخابية القادمة وشراء الذمم والفلل والعقارات والذهب والمجوهرات والسيارات الفارهة؟!
هذا هو، للأسف، واقع حال تولي المناصب و”المسؤوليات” في بلد انتشر فيه السلب والنهب والمال الحرام.
أتساءل أحياناً كثيرة: كيف يهدأ بال وضمير من يتقاضى الملايين شهرياً من أصحاب المناصب والوظائف المتميزة، وهم يرون بأم أعينهم ويعرفون أن هناك الملايين من العاطلين عن العمل والجياع والنازحين والمهجرين من أبناء شعب العراق الذين يسرقون ثرواته الريعية؟!
كما أن ما يؤلم كذلك سكوت المجتمع الدولي العارف والمشارك بما يحدث في العراق!