كانت تصريحات حكومية عدة قد صدرت في بغداد تشير الى الترحيب باستئناف محادثات ايران والسعودية بعد خمس جولات رعتها الحكومة السابقة، ولم يكشف عن محتواها، لكن المسار كان واضحاً في انه يعني العمل لإعادة العلاقات الدبلوماسية، الامر الذي اضطلعت فجأة بإنجاز رعايته الصين ، القريبة من الدولتين بنسب تصل الى التحالف المحوري غير المكتوب مع ايران وبطريقة التحالف التجاري والتقني والنفطي المفتوح على آمال مستقبلية مع السعودية التي تنزع نحو قرار منفتح في السياسة الخارجية يحررها، نسبيا طبعاً، من الخانة الامريكية المجردة.
الصين لها مصالح كبرى مع إيران والسعودية، ولن يكون في صالحها غياب احدى الدولتين عن أجندتها بسبب الصراع الدولي الذي يرتدي العباءة النووية الإيرانية، وتكاد طهران برغم ذكاء لعبها بالبيضة والحجر أن تقع في الفخ بسبب الإبطاء في اتخاذ القرار الذي تنهي فيه معوقات توقيع الاتفاق النووي، لاسيما انّها الآن ليست في مرمى الصراع مع السعودية كأكبر دولة مقابلة لها في الخليج الساخن.
السؤال الأهم، لماذا جرى اعلان الاتفاق السعودي الإيراني، وقد أوشكت كل المؤشرات أن تدل بوضوح على اقتراب ضربة خارجية ضد المنشآت الإيرانية النووية وربّما سواها؟ هناك مَن يجيب بالقول انّ الرياض تريد اثبات انها ليست في صدد المشاركة في أي عمل عدائي دولي ضد إيران، ولاتريد حربا جديدة في المنطقة لأي سبب كان، وهذا الأقرب الى الحقيقة والتعاطي الواقعي الجديد لسياسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
أمّا السؤال الآخر المهم، فهو متى كان وجود العلاقات الدبلوماسية سببا في انهاء حالة الصراع ،وربما العداء بين دولتين، فقد خاض العراق وإيران حرباً لمدة ثماني سنوات- 1980-1988 لا تضاهيها سوى الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك كانت العلاقات الدبلوماسية غير مقطوعة بينهما، ولا ننسى انّ الذي كان يحكم البلدان هما الراحلان الخميني وصدام حسين.
أرى انّ الشعب اليمني هو أول مَن سيجني ثمار التصالح الإيراني السعودي، من خلال زيادة فرص السلام وانهاء حرب كبيرة وقاسية، وانّ الكرة ستكون في مرمى اليمنيين أنفسهم للالتفات الى مصالح وحدتهم الوطنية بعيداً عن الاستقطابات الاقليمية التي كانت سببا في زيادة مآسيهم.
وأخيراً ..صُنع الاتفاق في الصين.