في العادة يفتح البقالون في الساعة الثامنة صباحاً بعد إن يجلبوا الخظار من السوق المركزي للبيع بالجملة أو ماطلق عليه اسم (علوة المخضر ) وبينما يوجهون الزرع على حد تعبيرهم اي يختزلون الجيد ويضعونه أمام المتبضع ويغطون الرديئ ويضعونه خلفه حتى يضع البقال قسم رديئ وقسم جيد و يعتمدون البقالين في ذلك على خفة اليد و الخداع الذي اكتسبوه من سوق العمل ويحكمون البقالين كيس النايلون جيداً حتى لا يرى المتبضع ما بداخله و يتفاجئ عند ما تؤنبه زوجته بعد فتح الكيس

ومن يخرج في الساعة الثامنة صباحاً ليتسوق ويدرك البقال قبل أن يوجه الزرع هذا هو صاحب الحظ الجيد ويسمى عند الناس (نادر ) اي شاطر في جلب البضاعة الجيدة لبيته كون أغلب البقالين لن يقبل من الزبون أو المتبضع أن ينتقي بضاعته بيده حتى يدس له البضاعة التالفة

ولعل أغلب الناس أعتادت على الغش وعندما تأخذ منه بضاعة كأنك اخذتها دون مقابل ويحملك جميل ، أما من يستيقض متأخر في للهجة الدارجة (علو الشمس رمحين ) ويذهب إلى السوق هذا هو صاحب الحظ السيئ وكثيرين هم أصحاب الحظ السيئ

ولفتت انتباهي اليوم ظاهرة كراصد للظواهر السلبية والإيجابية في المجتمع، ولو إن هذه الظاهره قديمة لكنها حدثت معي، ذهبت إلى القصاب لاشتري نصف كيلو لحم مفروم دخلت فقلت له اريد نصف كيلو لحم عجل مفروم على الفور سحب كيس وملئه باللحم من إناء تحت رقبة الماكنة فقلت له لا اريد من هذا المعلق فقال لي لا اعطي من هذا تركته وذهبت إلى قصاب آخر فقلت له نفس العبارة ، فقال : لي لا اعطيك من هذا (اخرب فخذ العجل على نص كيلو ) وعرفت أنهم من يعرف اللحم الجيد لا يبيعونه لاني اعرف لحم العجل الصغير من الكبير واللحم الذي يستوي في الطهي اسرع وفيه ألياف قليله لا يكون قاسي

وكوني مواطن وواحد من أفراد هذا الشعب أتعجب من أساليب الباعة في تعاملهم مع أبناء جنسهم واتباع أساليب الغش ناهيك عن الاحتكار الذي يتبعونه ، مرض أحد اطفالي وأصبح عنده تحسس من الحليب ووصف لي الطبيب حليب طبي فذهب إلى الصيدليات لأشتريه فلم أجده ودخلت إلى إحدى الأسواق في شارع المثنى بمحافظة النجف الأشرف ووجدت الحليب ومكتوب عليه سعر ثلاثة عشر ألف دينار رقماً لكن صاحب الأسواق مسح الباروكود وقالي لي سعر العلبة خمسة عشر ألف دينار فقلت له أليس هذا السعر مكتوب فرد عليّ قائلاً (صاعد سعره )

ويأتي هنا دور الأمن الاقتصادي في محاسبة امثال أولائك الذين يحتكرون البضائع و يتحكمون بأسعارها وتجدر الإشارة إلى أن علبة الحليب مسعرة يعني أنه قابض ثمنها و ربحها لكنه أراد أن يأخذ الربح مرتين بحجه صعود اسعار البضائع وهذه كلها آثار التحكم في سوق الدولار التي اتخذ منها الكثير حجة لرفع الأسعار ليقتاتوا على دماء الفقراء ولا يردعهم أحد ، و بعد إن إستقر سعر صرف الدولار بقيت أغلب السلع أسعارها مرتفعة فأين الدور الرقابي وأين دور الحكومة من هذه المهزلة التي يذهب ضحيتها معدومي الدخل

وتتجه أنظار الشعب اليوم إلى رئيس الوزراء الجديد والى قراراته لعلها تصب في بودقتهم التي افرغها الفقر ولم يجدوا ولو شرطي على مر الحكومات ليشفع لهم بشمولهم في راتب إعانة إجتماعية (عاطلين عن العمل) ولو إن القانون غير صحيح لأنه جعل حتى الشباب يفضلون تقاضي رواتب من الدولة ، على أن لا يعملوا وهذا يجب أن ينتبه له رئيس الوزراء ويفعل قطاع الزراعة والصناعة لتعمل الشباب وتأكل من كدها بشرف و زجهم في سوق العمل

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *