ياربّ
كانت أُمي قبل لصق الرغيف بقلب التنور
تهمس : بسم الله
وكلما أخرجت الرغيفَ تقول : ماشاء الله
وكلما ارتفعت كرشُ أبي من شدة حُبّهِ لخبزها ..
تُذكِّرهُ ..قُلْ : الحمدلله
وما تبقى من نتف الخبز
كانت تقدمه بكفِّها للعصافير ..تحت الشمس
وتُردِّدُ : كُلوا فهذا رزقُكم من الله ..
وليس من تنورنا
أو من مَلِك البلاد..
كنَّا نخشى على كفها من مناقير العصافير
وكانت تضحك وتقول : سيمنحها الرحمن نعومةً أجمل
وسيحبها أبوكم أكثر ..فأكثر
كانت أُمية لا تعرف كتابة كلمة .. سوى ( الله )
ولهذا ..
كان عطر السّماء يفوح كالياسمين من قلبها..
حتى من دون أن تدري..
وكنا نُقبِّلُ جبينها لتزداد ابتسامتنا أناقة وسحراً
وعندما توقَّف نبضها ..في سجدة الفجر
على عتبة العام السبعين
لم أعثر على مثل ذلك العطر
في قناني العطور الفرنسية كلّها
التي امتلأت بها رفوف زماننا
وتساءلتُ :
لماذا
– ياربّ –
لا أشم هذا العطر من أُمهات هذا الزمن الرّشيق ؟!
أ لأنهُن َّ
يشترين الخبزَ جاهزا من الأفران !! .
ويَضَعْن
على أَكُفِّهنّ مَرهماً..
ضد البعوض ..والشّمس ..والعصافير !.