مرَّ يومان
لم أسمعْ أصواتَ أُناسٍ في داخلي
لم تعد تُفزعني صيحاتٌ أو دبدباتٌ احتجاجيةْ
مرَّ يومان
لم تدغدغ حواسي همساتُهم الخافتة
تلك التي لم أعرف قبلًا ماذا تقول؟
كيف تركوني فجأةً وذهبوا؟
لا أعرف أسماءهم /
أشكالهم /
أصواتَهم منفردة
– فهم يتحدثون في الوقت نفسِه-
ناديتُ عليهم في نفسي:
” يا أنتم؟”
لم يرد أحدٌ.
أفكر..
ربما لا يصل إليهم صوتي
أجرِّبُ حنجرتي في النداءِ
أقول:
” يا أنتم
أين أنتم؟”
فأسمع صدىً يرن
أنتم ..أنتم
_لأول مرة أفتقد هؤلاء المزعجين _
..
هل ماتوا؟
ربما!
لكنني لم أتشمم فيَّ رائحةَ الموتِ
“سأموت في الخامسة والستين
مثل أمي”
تقولها أمي
فأسمعهم يرددون :
“لا أحد يعرف متى سيموت”
أردد مثلهم:
“لا أحد يعرف متى سيموت”
فأطمئن.
بالأمس..
قالتها أمي في نوبة يأس..
ولم أعرف ماذا أقول…
…
هل خانتهم الطبيعة وأغلقت الكهف عليهم
فناموا؟
ثلاثة وكلب؟!
خمسة وكلب؟!
سبعة وكلب؟!
لكنني لم أسمع من قبل
نباحَ أي كلبٍ بداخلي
وليس ثمة كهفٌ في جسدي يتسع لكلِّ هؤلاء
…
أسيرُ في خُطىً مُرتبكةٍ
وحدي
دونَهم
أُرَدِّدُ :
يا أنتم
يا شركائي في صوتي
رُفقائي في جسدي
يا أبناء وحدتي/ خسارتي
أيها المزعجون الطيبون
أكرهكم كثيرًا
وأحبكم جدًا
استيقظوا / ارجعوا إليّ
وسأترك نوافذَ روحي مفتوحة
..